القاهرة | بصورة مفاجئة، أفرجت السلطات المصرية عن رئيس الأركان الأسبق الفريق سامي عنان، بعد شهور من الاحتجاز على خلفية إعلان اعتزامه الترشح للانتخابات الرئاسية منافساً لعبد الفتاح السيسي في الانتخابات التي جرت في آذار/مارس 2018، وأُقصي فيها جميع المنافسين المحتملين للرئيس، بمن فيهم عنان الذي زُجّ به في السجن العسكري. ورغم صدور أحكام بالحبس لسنوات على عنان في محاكمة حُظر نشر تفاصيلها، فوجئ الجميع أمس بإعلان عودته إلى منزله، بعدما كان يقضي حبسه في إحدى الثكنات العسكرية في العاصمة القاهرة، مع بقائه على تواصل مع عائلته، خاصة أنه أول رئيس أركان يوضع في السجن العسكري.
عمل السيسي (يسار) مديراً لـ«المخابرات الحربية» تحت رئاسة أركان عنان (وسط) (من الويب)

محامي الفريق، ناصر أمين، تحدث عن إخلاء سبيل موكله من دون عفو رئاسي أو براءة، ولكن بناءً على قانون القضاء العسكري الذي يمنح أحقيّة للإفراج عمّن صدرت بحقهم أحكام ما لم يصدّقها الحاكم العسكري، أي الرئيس، مؤكداً أن موكله وصل البيت وهو بصحة جيدة. وواجه عنان مشكلات صحية خلال احتجازه، رغم المعاملة المميزة التي حظي بها بعيداً عن السجون العسكرية والمشكلات التي تواجه المساجين فيها. وتردد سريعاً أن ثمة صفقة وراء الإفراج عن رئيس الأركان الذي اتهمه السيسي بالفساد علناً خلال كلمة للأخير في شباط/فبراير 2018، قبيل ساعات من إلقاء القبض عليه وعلى جميع مساعديه. هذه الصفقة تتضمن التزام عنان بالصمت والبقاء في منزله وتجنّب الحديث إلى الإعلام إلا بموافقة مسبقة (على الأرجح لن تحدث)، علماً بأن صديقه الفريق أحمد شفيق يواجه المصير نفسه.
وسبق أن حوكم الرجل بنص قانوني يرى أن جميع أعضاء «المجلس العسكري»، الذي حكم بعد رحيل مبارك من السلطة في 2011، موجودون على قوة الاستدعاء حتى بعد تقاعدهم، ما يعني أنه لا يسمح لهم بممارسة العمل السياسي من دون موافقة من «المجلس الأعلى للقوات المسلحة»، وهو نص جرى التغاضي عنه. لكن لم يكشف القضاء العسكري مصير التحقيقات في الثراء غير المشروع لرئيس الأركان الذي كان يكره السيسي شخصياً، علماً بأن الأخير عمل مديراً للمخابرات الحربية تحت رئاسة الأول. تقول مصادر لـ«الأخبار» إن الإفراج «مرتبط بسلسلة من الإفراجات تباعاً عن شخصيات مختلفة ومن دون تدخل رئاسي، لكن باستغلال بنود قانونية ربما تكون غائبة عن كثيرين»، مؤكدة أن هذا الأمر بدأ بالفعل مع الإفراج عن شقيق الناشط المصري المقيم في الولايات المتحدة وائل غنيم الأسبوع الماضي، وسيتواصل تدريجياً حتى لا يبدو الأمر موجهاً (راجع خطوة جديدة لتنفيس الغضب: مراجعات للإفراج عن معتقلين، الخميس 12 كانون الأول).
هناك سلسلة تفاهمات حول من سيفرج عنهم ومن بينهم صحافيون


المصادر قالت أيضاً إن هناك سلسلة تفاهمات في الأيام الماضية حول هوية من سيفرج عنهم، ومن بينهم صحافيون، كما عقد اجتماع مع النائب العام، المستشار حمادة الصاوي، اتفق فيه على تسهيل الزيارات لعدد من الشخصيات الموقوفة في قضايا سياسية. وقد سُمح أخيراً بزيارة وفد من أعضاء «مجلس نقابة الصحافيين» إلى اثنين من الصحافيين المسجونين، وهي واقعة نادرة. وأشارت المصادر نفسها إلى تصور اتفق عليه مع الصاوي يتماشى مع سياسات جديدة للدولة، وفي مقدمتها «تقديم معالجة مختلفة»، لافتة إلى أن هذا التصور يرتبط بالمسؤولين الجدد الذين صاروا في مناصب رفيعة المستوى وداخل دوائر صنع القرار من دون كشف المزيد من التفاصيل.