القاهرة | لا يزال النظام المصري يواصل تدخلاته المباشرة في القضاء، ما يثبت أن تحقيقات النيابة وأحكام القضاة في مرمى رغبات النظام. يوم أمس، قررت نيابة أمن الدولة العليا حبس علا يوسف القرضاوي، ابنة الشيخ المقيم في قطر، احتياطياً على ذمة القضية رقم 800 لسنة 2019، التي تطاول عدداً كبيراً من المشتغلين في السياسة، بتهمة «تمويل جماعة الإخوان المسلمون» المصنفة «إرهابية». ويأتي قرار الاتهام الجديد لعلا، المحبوسة منذ عامين احتياطياً، على ذمة قضية لا أدلة حقيقية تدينها فيها (أُلقي القبض عليها برفقة زوجها واتُّهما بالانضمام إلى «جماعة إرهابية»)، بعدما أخلت محكمة سبيلها في جلسة أول من أمس، لكن ضمن تدابير احترازية تجعلها ممنوعة من السفر ومغادرة منزلها. لكن القرار لم يُنفذ، بل حُبست على ذمة القضية الجديدة التي يُتوقع أن ينضمّ زوجها إليها فيها في حال إخلاء سبيله في القضية الأولى.هذه ليست المرة الأولى التي يقدم فيها النظام على هذه الخطوة، بل تكررت بتفاصيلها نفسها مع الصحافي في قناة «الجزيرة»، محمود حسين، المحبوس منذ ثلاث سنوات. فقد حُبس على ذمة قضية جديدة، بعدما صدر قرار بإخلاء سبيله في قضية سابقة اتُهم فيها بالتحريض ضد مسؤولي الدولة وبث أخبار كاذبة، وقد صدر قرار حبسه مجدداً الشهر الماضي قبل تنفيذ إخلاء السبيل. ولا يواجه حسين اتهامات حقيقية سوى العمل في «الجزيرة»، وقد اعتُقل وهو عائد في إجازة عائلية من الدوحة عام 2016، ثم أجبرته وزارة الداخلية على تسجيل فيديو وصفته فيه بالإرهابي، متحدثاً عن تغطية القناة القطرية للشأن المصري. ومنعت هذه الواقعة عشرات المصريين العاملين في الدوحة من العودة تخوفاً من مواجهة مصير مشابه.
هذه ليست المرة الأولى التي يجدد فيها النظام الاعتقال الاحتياطي بتغيير القضية


المفارقة أن السفارة السعودية لدى القاهرة أرسلت، أمس، عبر مكتبها الإعلامي، بياناً في شأن أحد رجال الأعمال السعوديين الذي يواجه اتهامات بالغش والتزوير، لكنها سحبته لتؤكد أنه مخصص للإعلام السعودي فقط لا المصري، مطالِبة الصحف المحلية بعدم نشره، وخاصة أنه تضمن تأكيداً للتدخل السعودي في مجريات العمل القضائي. البيان المسحوب وردت فيه تفاصيل عن مشكلات المواطن السعودي، مبارك بن علي الغامي، الصادرة بحقه أحكام قضائية. وقالت السفارة إنها تدخلت من أجل الإفراج الصحي المشروط بمنع سفره حتى الانتهاء من القضايا المتهم فيها، فيما تم حلّ 9 قضايا تخصّه من أصل 13 لا تزال منظورة في المحاكم. ولا تزال أمام الغامي مشكلات يفترض وفقاً للقانون أن يواجه جراءها عقوبة الحبس، جراء قضايا التزوير التي تمت تسويتها ودياً؛ إذ على الرغم من أن قضايا الخلافات المالية التجارية تسقط بالتسوية، إلا أن حق الدولة والمجتمع لا يسقط.
مهما يكن، ظهر في بيان السفارة تأكيد للتدخل في المسار القضائي للمواطنين السعوديين في مصر، مع أن القاهرة أخفقت أكثر من مرة في الإفراج عن متهمين بارتكاب جرائم في السعودية، ومنهم مصريون يدور في شأن قضاياهم جدل كبير حول مدى ارتكابهم الجرائم المنسوبة إليهم، كما أخفقت في منع إعدام عدد منهم هناك، في وقت أكدت فيه سفارة الرياض أنها لا تتأخر عن تقديم «كل أشكال الدعم لمواطني بلادها».