القاهرة | بحديث مطول عن رأيه في الفترة التي أعقبت «ثورة 25 يناير»، إبّان شغله منصب مدير «المخابرات الحربية»، أدلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في الندوة التثقيفية التي أقامتها القوات المسلحة بمناسبة «يوم الشهيد». جاء كلامه مكرَّراً كالعادة، إذ قال إن جميع المدن الجديدة ليست من موازنة الدولة، مشيراً إلى توجّه الدولة لاستغلال الأراضي ذات القيمة المحدودة عبر بنية تحتية أساسية ترفع قيمتها، معطياً مثالاً العاصمة الإدارية الجديدة التي تحولت إلى شقق وفيلات يعاد تدوير مالها لبناء مدن جديدة.السيسي أفاض في الحديث عن حلمه بمستقبل البلاد، لافتاً إلى مشروعات ستنتهي في 30 حزيران/ يونيو 2020، قيمتها أربعة تريليونات جنيه. لكنه عبّر عن ضيقه من وسائل الإعلام بسبب عجزها عن إيصال الرسائل المختلفة التي يريدها، ودافع عن تكراره كلامه، بالقول: «تتساءلون! لقد تحدثت عن هذه الأمور من قبل، نعم تحدثت، ولكن عندما أعيدها عليكم فسوف تصدقونني، وأنا أستطيع أن أظهر في التلفزيون يومياً وأتكلم معكم إذا كان هذا سيشعركم بالراحة، لكن لا أملك ملكات الإعلاميين، وستشعرون بالملل مني، ولكني أتحدث معكم كمواطن مصري، إنسان منكم، وأقول دائماً أنا لست رئيساً لكم، بل أنا واحد منكم».
في المقابل، ظهر في لغة العسكريين المشاركين تأكيدهم صعوبة مواجهة الإرهاب والقضاء عليه كلّياً في سيناء، بعدما ربط اثنان من كبار الضباط المرابطين هناك النجاح في ذلك بانتهاء الإرهاب عالمياً، لكنهم أكدوا أنهم نجحوا في فرض السيطرة على الأرض، مع أنه حديث لا يبدو منطقياً في ظلّ حالة العزل الكامل التي تعيشها سيناء منذ 2013، واشتدّت وطأتها مع انطلاق العملية الشاملة في شباط/ فبراير 2018.

تعيين عسكري وزيراً
وفي خطوة تعكس غياب التشاور مع الحكومة، كلّف السيسي رئيس «الهيئة الهندسية للقوات المسلحة»، اللواء كامل الوزير، بتولّي وزارة النقل، بعدما رقّاه إلى رتبة فريق، طالباً منه تطوير المرافق بحلول 30 حزيران/ يونيو 2020، وهو موعد يسبق بعامين الموعد المُحدَّد سلفاً من وزير النقل المستقيل، هشام عرفات.
وافق البرلمان بسرعة على تكليف كامل الوزير بتولّي حقيبة «النقل»


وطلب الرئيس من البرلمان الموافقة على ترشيح الوزير، وهو ما جرى بالفعل في وقت قصير، وبذلك حصل كامل على ترقية استثنائية لينهي حياته العسكرية، استعداداً لتسلم مهمات وظيفته اعتباراً من اليوم، بما من شأنه تقريبه أكثر من رئاسة الوزراء بعد إلمامه بتفاصيل العمل الحكومي، الأمر الذي يُعدّ ـــ في حال حدوثه ـــ مخالفة للعرف الحكومي. كذلك، وعد السيسي بتقديم الدعم الكامل للوزير من أجهزة الدولة كافة، والتي يمكن لها بدورها الاستعانة بخبرات القوات المسلحة «ذات الطابع الفني اللازم لتطوير سكة الحديد».
والوزير الجديد الذي يُلقَّب بـ«رجل المهمات الصعبة» تخرّج في الكلية الفنية العسكرية عام 1980 في تخصّص الإنشاءات، كما حصل على شهادات أبرزها الماجستير في العلوم العسكرية من «كلية القادة والأركان»، وزمالة كلية الحرب العليا من «أكاديمية ناصر العسكرية العليا».

عودة إلى الماضي
وبينما يمرّر الرئيس قراراته متجاوزاً كل الاعتبارات، يسترسل في الحديث عن الماضي، ومن ذلك مصادمات الشرطة مع الثوار في نهاية 2011، والتي سقط خلالها عدد من الشهداء في مواجهات دامية دفعت رئيس المجلس العسكري الحاكم آنذاك، المشير حسين طنطاوي، إلى الخروج في كلمة تلفزيونية للمرة الأولى وإعلان تقديم موعد إجراء الانتخابات الرئاسية.
هنا قال السيسي: «في الوقت الذي وقعت فيه أحداث محمد محمود، كنت مسؤولاً عن المخابرات العسكرية والحربية وعن الأجهزة الأمنية في هذا الوقت، وأستطيع أن أقول ذلك بجلاء وثقة وأمانة وشرف، إننا لم نمسّ أي مصري واحد خلال تلك الفترة، ولكن عندما دخلت تلك العناصر المندسّة في اتجاه وزارة الداخلية كان القتلى يتساقطون يومياً». وأضاف: «أقسم بالله، أنا تحدثت منذ 3 سنوات، وأمرت بعمل لجنة لدراسة كل الأحداث التي تمت في 2011 و2012 و2013 حتى يتم وضعها بين أيادي الشعب المصري بكل أمانة وشرف».
لكن أكثر ما أثار المتابعين هو قول السيسي: «سأقف معكم أمام الله أسألكم مثلما ستسائلونني، وأحاسبكم مثلما ستحاسبونني، وأنا أخاف عليكم، ودون أن أذكر أسماء دول جوارنا، هل تعرفون كم بلغ عدد أسابيع المظاهرات في مصر، أريدكم أن تحسبوها على مدار ثلاث سنوات... أي بلد تستطيع أن تعيش وهناك مظاهرات على مدى 200 مرة في 3 سنوات، فكيف للسياحة أن تزدهر والمصانع أن تعمل والتجارة أن تستمر؟».