تزداد أزمة «سد النهضة» تعقيداً، فيما يبحث النظام المصري عن تعزيز تحالف أفريقي لمواجهة إثيوبيا والسودان، في خطوة تأتي بعد تيقّن القاهرة من تلاعب الخرطوم بها خلال الفترة الماضية. فملف أزمة «النهضة» بات القضية التي تشغل جميع أجهزة الدولة المصرية خلال الفترة الحالية، وهو ملف لم يعد مرتبطاً بوزارة الخارجية والمخابرات فحسب، بل امتدّ إلى باقي أجهزة الدولة التي تعكف على دراسة ومراجعة آراء خبراء ومسؤولين سابقين بصورة غير مسبوقة في الوقت الحالي، استعداداً لطرح جميع البدائل، في ظلّ الفشل المتوقع للاجتماع «التساعي» الذي تستضيفه العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، الاسبوع المقبل، لوزراء المياه والخارجية ومديري مخابرات مصر والسودان وإثيوبيا.مصر باتت أقرب إلى حشد دعم أفريقي في مواجهة التعنّت الإثيوبي السوداني الذي لم يبدّد حتى الآن مخاوف القاهرة من التأثيرات السلبية لـ«سد النهضة» على مياه النيل، خلال الفترة المقبلة.
حتى الآن، ترفض مصر البدء بملء بحيرة «السد» التي اكتمل بناؤها بشكل شبه كامل قبل الوصول إلى حل ورؤية تفاوضية ترضي جميع الأطراف، وهو رفض قد لا يكون له تأثير فعلي على أرض الواقع، مع استعداد أديس أبابا لملء البحيرة خلال الأسابيع المقبلة.
بشكل صريح، تحدث وزير الخارجية سامح شكري، في اجتماع مغلق عقد قبل أيام، عن «تلاعب الحكومة السودانية بمصر» وانحيازها صراحةً إلى الجانب الإثيوبي، وهو تلاعب انعكس في توحيد المواقف وترديد الجانب السوداني نفس أحاديث الجانب الإثيوبي ووجهة نظره، رغم محاولات القاهرة تعزيز العلاقات ومساندة الموقف السوداني في أكثر من نقطة خلافية، بالإضافة إلى تعليمات التهدئة التي صدرت من الجهات السيادية المصرية وفتح مجالات جديدة للتعاون بين البلدين.
بشكل صريح، تحدث شكري في اجتماع مغلق عن تلاعب الخرطوم بالقاهرة


شكري أكد في الاجتماع الذي حضرته مستشارة الرئيس المصري، فايزة أبو النجا، تعقّد الموقف بصورة «غير مسبوقة»، وضرورة التحرك في المسارات القانونية الدولية، سواء في الاتحاد الأفريقي أو في مجلس الأمن، عن طريق تقديم شكوى تتضمن المخاوف المصرية، كما طلب فتح اتصال مباشر مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، إبان المفاوضات «التساعية» التي ستجرى في أديس أبابا الأسبوع المقبل.
الوزير المصري تلقّى تعليمات خلال الاجتماع «بضرورة عدم العودة إلى القاهرة من دون الوصول إلى نتائج»، وعدم إرجاء أي نقاط خلافية إلى اجتماعات لاحقة، بحيث يكون هناك توافق على أن يكون الاجتماع المقبل هو الاجتماع الأخير، ويعقبه اجتماع على مستوى رئاسي، علماً بأن السيسي طلب لقاء رئيس الوزراء الإثيوبي في لقاء منفرد على هامش اجتماعات القمة الأفريقية المقبلة المقررة في العاصمة الموريتانية نواكشوط.
شكري أكد خلال الاجتماع أنه في حال طلب الجانب السوداني إنهاء الاجتماعات مبكراً لوجود ارتباطات أخرى لديهم، فإنّ الجانب المصري سيطلب استكمال اللقاءات من دونهم، خاصة أنّ الموقف السوداني لم يعد مؤثراً بشكل كبير كموقف منفرد، نظراً إلى مساندته جميع آراء الجانب الإثيوبي من دون مناقشة.