لم يسبق لوزير تربية، على مرّ تاريخ الوزارة، أن فسخ عقداً لأستاذ متعاقد. توصيات الوزراء المتعاقبين والإدارة التربوية لدارسي المناطق، أو الموظفين الذين يتولون توزيع الحصص التعليمية، كانت ولا تزال الحفاظ على عقود المتعاقدين ولو بحصة واحدة، بصرف النظر عن الحاجة إلى هذا التعاقد أم لا.العادة دأبت أن لا تُستكمل أنصبة الأساتذة في الملاك كرمى لعيون المتعاقدين المحظيين. أما أن يتذرّع وزير التربية، عباس الحلبي، بانتفاء الحاجة إلى خدمات رئيسة اللجنة الفاعلة للأساتذة المتعاقدين النقابية نسرين شاهين، لعدم تجديد عقدها للعام الدراسي 2022 ـ 2023 وللأعوام المقبلة، فمزحة سمجة. فلو كانت الحاجة إليها منتفية فعلاً في المدرسة التي تدرّس فيها، كان يمكن نقلها إلى مدرسة أخرى. ولو كانت مخطئة أكاديمياً وإدارياً كان يمكن محاسبتها بالقنوات الإدارية وبواسطة الأجهزة الرقابية من تفتيش تربوي وغيره واتخاذ العقوبات المناسبة بحقها من إنذار وتأنيب وحسم راتب وغيره. ولو أتى هذا التدبير في سياق دراسة شاملة وكافية لتبيان الحاجة في كلّ المدارس، وتقدير مدى الاستغناء عن خدمات المتعاقدين في التعليم الرسمي، لكان مستساغاً. أما أن يصدر إجراء بحق معلمة متعاقدة بمفردها، لديها 28 حصة تعليم في الأسبوع، خارج أي دراسة علمية، فإن ذلك يندرج حكماً في خانة الاستهداف الكيدي والصرف التعسفي. ومن ثم فإن امتداد مفعول القرار للأعوام المقبلة حكاية أخرى، فهل الوزير قادر على استشراف حاجات التعليم قبل سنوات؟
«الأخبار» حاولت مراراً الاتصال بمستشار وزير التربية ألبير شمعون للتحدث إلى الوزير والوقوف على الأسباب الموجبة للقرار، من دون أن توفق في الحصول على جواب.
شاهين تبلّغت أمس بقرار الصرف، بعد 35 يوماً، على صدوره في 29 آب الماضي، فهل تستغرق المراسلة من وزير التربية إلى المدير العام مروراً بالمنطقة التربوية وصولاً إلى المدير فالأستاذ كلّ هذا الوقت؟ أم أن القرار كان محضراً مسبقاً وكانت الوزارة تنتظر اللحظة المناسبة لتبليغه؟
شاهين تضع التدبير في إطار كم الأفواه وتصفية الحسابات الشخصية والانتقام من دورها النقابي وانتقادها لغياب الشفافية المالية في الوزارة، مشيرة إلى أن القرار سابقة لجهة أنه موقع من وزير التربية شخصياً. وأعلنت أنها ستتابع القضية بالقنوات القانونية المناسبة.
وكانت شاهين تعاقدت في التعليم الرسمي في العام الدراسي 2012 ـ 2013 أي منذ 10 سنوات، وهي اليوم مدرسة اللغة الفرنسية في مدرسة شكيب أرسلان الرسمية، وقد قرّرت أن تحمل هموم المتعاقدين منذ العام الدراسي 2015 ـ 2016 عندما أسّست اللجنة الفاعلة ونظمت مع زملائها العديد من الإضرابات والاعتصامات لتحصيل الحقوق. اللجنة الفاعلة قرّرت أن يوم غد (اليوم) هو يوم إضراب واعتصام، عند الحادية عشرة صباحاً، أمام وزارة التربية اعتراضاً على قرار الوزير.
شاهين: يندرج القرار في إطار كمّ الأفواه وتصفية الحسابات الشخصية


المحامي حسن بزي قال لـ «الأخبار» إن عقد شاهين بات بمثابة عقد دائم لأنه تخطى السنتين ولا يحق للوزير فسخه، إذ يعتبر ذلك فعل تعدٍ، وبإمكان شاهين مراجعة قاضي الأمور المستعجلة في مجلس شورى الدولة، سائلاً: «لماذا لا يطاول فسخ العقود إلا النقابيين، ومنهم رئيس حراك المتعاقدين حمزة منصور الذي هُدّد أيضاً بفسخ عقده في ثانويتين من أصل ثلاثة، ومن ثم سُوّيت الأمور في ما بعد، علماً بأن هناك نحو 1000 أستاذ فسخوا عقودهم رضائياً هاتين السنتين، ما يدحض بالكامل ذريعة القرار وهي انتفاء الحاجة للأساتذة المتعاقدين، وإذا كانت هناك حاجة فعلاً للتدبير، فلتفسخ العقود الجديدة لا القديمة».