هل بات تاريخ لبنان الحديث مادةً تستوحي منها الدراما السوريّة سيناريواتها؟ في رمضان الماضي، شاهدنا مسلسلين مقتبسَين من الوضع اللبناني وتاريخه الحديث: «لعنة الطين» للمخرج أحمد إبراهيم الأحمد، و«زلزال» للمخرج محمد الشيخ نجيب. وها هم صنّاع المسلسلات يغوصون أكثر في هذه القضية التي قد تتحوّل موضة في رمضان 2011. قريباً، سنشاهد دراما اجتماعيّة ليست بعيدة عن هذه الأجواء بعنوان «الانفجار»، من كتابة أسامة كوكش، وإخراج أسامة الحمد، وإنتاج شركة «الهاني» التي يملكها هاني مخلوف، على أن يعرض العمل في رمضان المقبل. ويُعدّ هذا المسلسل ثالث إنتاجات الشركة بعد «رجال يتقاسمون الخراب» للمخرج محمد زهير رجب، و«رجال الحسم» لنجدت أنزور.
انطلاقة القصة وبعض تفاصيلها توحي بأننا أمام عمل يأخذ من بوسطة عين الرمانة شرارة أولى لبداية الأحداث وانعكاسها على الشخصيّات، وإن كانت أحداثها تدور كاملةً في سوريا. وعند الغوص في تصريحات المعنيين، يتضح اتجاه العمل إلى تحميل إسرائيل مسؤولية أي عمليّة إرهابيّة تحصل في المنطقة. وتدور القصة، وفق مدير الإنتاج في الشركة محمد فراس منصور، حول «مجموعة إرهابية غير محددة الهوية، تفجّر باصاً متجهاً من دمشق إلى حلب، وعلى متنه أشخاص ينتمون إلى محافظات عدة وطوائف مختلفة. ويؤدي هذا الانفجار إلى مصرع عدد من الركاب وجرح الباقين». ويضيف أن العمل يقدّم صورة إيجابية عن أجهزة الأمن السورية، ولكنها صورة لا تخلو من «النقد البنّاء لأخطائها من دون إساءة... كذلك سنشاهد هذه الأجهزة بصورة عصريّة تتعامل مع التقنيات الحديثة». ويكشف منصور أن المسلسل «يضيء على كيفية تنفيذ إسرائيل لسياستها، عبر استخدام بعض ضعاف النفوس والعاطلين من العمل والجهلة لتنفيذ عملياتهم الإرهابيّة».
تفضّل الشركة المنتجة التكتّم على باقي تفاصيل «الانفجار»، في انتظار بدء التصوير في الأسبوع الأول من العام الجديد. حتى أسماء الممثلين لا تزال في طور الترشيحات، ومنهم عبد الهادي صبّاغ، وسلمى المصري، وعبد الحكيم قطيفان، وباسم ياخور، ومحمد حداقي. ويطلب مؤلف العمل، أسامة كوكش، الذي يعمل منذ عقدين في حقل التصوير ويخوض تجربته الأولى في الكتابة الدراميّة، محاسبته على هذا العمل كهاو، رغم إيمانه بالسيناريو، الذي لا يصنّفه عملاً بوليسيّاً، «لأن الخط البوليسي فيه بسيط جداً». بل يرى أن المسلسل اجتماعي إنساني في الدرجة الأولى، معتبراً أنه «يلاحق انعكاسات هذا الحادث وآثاره على عائلات الضحايا وعائلة أحد الإرهابيين الذي تخلّت عنه المجموعة، بعدما افتُضح أمره، وبات ملاحقاً من قوى الأمن». ويضيف قائلاً: «نركّز على الحالة الإنسانية والنفسيّة للأبطال وتأثير الحادث في الطفل والزوجة والأم والأب. لقد أجريت ثلاث دراسات نفسيّة على ثلاث شخصيات، إحداها شخصيّة الإرهابي المطارد عارف (حداقي)، وهو الطالب في كليّة الهندسة، الذي انقلبت حياته رأساً على عقب، وتحوّل إلى هارب ومنبوذ، بعدما تنكّر له التنظيم». ويكشف كوكش أنه يعمل على نصّه منذ نحو عامين، وأنه تعمّق في دراسة شخصيّة عارف وتصاعد أحداثها الدراميّة. ومن أبطال العمل أيضاً الضابط عماد، كما يقول كوكش، «يفتح تحقيقاً في الجريمة، لا يملك عنها أي فكرة، وينجح في حلّ ألغازها بالتعاون مع أشخاص آخرين. ثم هناك شخصيّة فتاة يتوفى شقيقها في الانفجار، ومن أجل إعالة عائلتها، تضطر إلى العمل عند تاجر كبير يستغلها جنسيّاً ويوظفها في عمليات غير مشروعة، وتجد نفسها في عالم لا تستطيع مقاومته، إلى أن تنفتح أمامها طاقة نور وأمل».
أما المخرج أسامة الحمد، فهو يخوض أولى تجاربه في إخراج دراما من 30 حلقة، بعد تنفيذه سباعيتين لمصلحة «روتانا خليجيّة»، هما «أغراب»، و«تعب الليل»، ثم العمل الكوميدي «عرب وود». ويوضح أن «الانفجار» يمثّل نوعاً من رفض العمليّات الإرهابيّة وأسبابها. ولا يعدّه عملاً يعني لبنان وسوريا فقط، حتى ولو شُبّهت أحداثه بمحطات من التاريخ الحديث كالحرب اللبنانيّة. ويقول الحمد: «والدتي لبنانيّة ويعنيني هذا البلد كثيراً، لكنني أريد أن أقول من خلال هذا العمل إنه لا شيء يبرّر للإنسان أن يقتل أخاه الإنسان». ويتفق الحمد مع كوكش على أن هذا المشروع «هو مشروعنا المشترك، ووجدنا شركة تبنّت النص بكثير من المحبة ووفرت له كل الإمكانيات... وخصوصاً أنه يتضمّن مشاهد دهم ومطاردة وتفجير، إضافة إلى عدد كبير من الممثّلين»، مضيفاً أن «النص جميل وهو مكتوب بإيقاع سريع، وفيه جرعة إنسانية عالية، كما يصوّر واقع العائلات التي تأذّت بسبب الانفجار».


وحدة المسارين... درامياً


لن تحضر العلاقات اللبنانيّة ـــ السوريّة في الدراما خلال الموسم المقبل، بل ستتخذ شكلاً آخر، إذ إنّ التعاون والتبادل بين البلدين سيكونان على مستوى الممثّلين والمخرجين: في بيروت وبعض المناطق اللبنانيّة، يعكف المخرج السوري هشام شربتجي على تنفيذ مسلسل «آخر خبر» (كتابة محمد السعودي وإنتاج «إيغيل فيلم» و«مروى غروب»). ويشارك في العمل من سوريا مصطفى الخاني (الصورة)، وشكران مرتجى، وزهير رمضان. ويواصل المخرج باسل الخطيب تصوير مسلسل «الغالبون» في الجنوب، وهو من كتابة فتح الله عمر ومحمد النابلسي، ويروي تاريخ المقاومة، ومعظم أبطاله لبنانيون، مع بعض الوجوه السوريّة