الرقابة على الأفلام السينمائية تضرب من جديد، لا لتعدّل نصّاً «يثير النعرات الطائفيّة»، بل لتحذف مشاهد عاطفيّة أساسيّة في فيلم «صوت جريء ـــــOut Loud» للمخرج سامر دعبول (1968). كان على هذا الأخير الرضوخ لتوجيهات الرقابة في باكورة أعماله اللبنانيّة، بعد فيلم يتيم في أميركا بعنوانFinding Interest. يضيء الشريط الذي صوّر في خريف عام 2009 في زحلة (البقاع)،
على ارتباط فتاة بثلاثة شبان في وقت واحد، إضافة إلى قصّة حب «محرّمة» بين شابين بأسلوب تراجيكوميدي.
وكان الفيلم قد شارك هذا العام في إحدى التظاهرات ضمن «مهرجان كان السينمائي»، وفي «مهرجان هامبورغ» في ألمانيا، وفي «واشنطن دي سي» حيث حصد جائزتين. ومن المتوقّع أن تنطلق عروضه في الصالات اللبنانيّة مطلع 2012.
تبدأ الأحداث مع جايسن الذي يسعى إلى التأقلم مع حياته الجديدة، بعدما فقد والدَيه، فيجد ضالّته مع أربعة شبّان وفتاة، من بينهم رامي الذي نبذته عائلته عند اكتشافها ميوله الجنسيّة المثليّة. ويعيش هذا الأخير قصّة حب مع زياد الذي فقد والده أمام عينيه. كذلك نتعرّف في الفيلم إلى لوي الشاب الحالم الذي لا يزال أسير ماضيه وقصّة حبّه مع فتاة تخلّت عنه. إلى جانب إلفيس الذي يحلم بالتحوّل إلى عازف غيتار شهير. وعند دخول ناتالي على المجموعة، تنقلب حياتهم تماماً، ويتنافس ثلاثة منهم على الفوز بقلبها. وتتوزع البطولة بين رودي معربس، وعلي رحيّم، وجاد حديد، وميشال سركيس، وإليان كردي وجان قبرصلي، بمشاركة ميشال الجميّل في دور الجد.
يؤمن دعبول بأن «السينما والفن وحدهما قادران على إحداث التغيير في مجتمعاتنا». غير أن حماسة الشاب القادم من أميركا، حيث أمضى 21 عاماً (1988 ــ 2009)، اصطدمت بحائط الرقابة التي أجبرته على حذف مشهدين أساسيين من السيناريو، هما مشهد القبلة بين شابَّين مثليَّي الجنس، وآخر حيث يعقد قران فتاة على ثلاثة شبّان في وقت واحد. كما طُلب منه حذف عبارات مستخدمة من الإنجيل والقرآن، بحجة أنها «تسيء إلى الدين». ويشرح المخرج اللبناني أن «الفيلم يشيد بحرية المرأة، ويسأل لماذا يسمح للرجل بأن يتزوج بأربع نساء، ولا يحق للمرأة الزواج بأكثر من رجل؟». ويعرب دعبول عن استيائه من طريقة تعامل الرقابة مع نصّه، و«خصوصاً أننا نرى أكثر من ذلك بكثير في أفلام أميركيّة تعرض في صالاتنا من دون حذف». ورغم أن الفيلم سيعرض في الصالات الأميركيّة، يبدو أن النسخة اللبنانيّة المراقبة هي نفسها التي سيشاهدها الجمهور الغربي.
لم يتعامل دعبول في فيلمه مع أي ممثل معروف «لأنني أريد استثمار طاقات جديدة، لتقديم شيء لا يشبه التمثيل اللبناني السائد حاليّاً». ويخلص إلى أنّ الجمهور سيخرج برسالة معيّنة من العمل هي أننا قادرون على أن نعيش ببساطة. وفور انطلاق عروض الفيلم، سيتفرّغ دعبول لتنفيذ فيلمه التالي «حرب رامي».