حدثان تاريخيان شهدتهما «نيويورك تايمز» في عام ٢٠١١: الأول كان تعيين جيل أبرامسون في منصب رئيسة تحرير تنفيذية، وهي أول امرأة تستلم هذا المنصب منذ تأسيس الصحيفة. أما الثاني، فهو توظيف فرانك بروني ككاتب عمود دائم، وهي أيضاً سابقة لم تشهدها الجريدة الأميركية قبلاً، إذ يُعدّ بروني أول مثلي يعلن خياراته الجنسية على الملأ، يعيّن كاتباً ثابتاً لعمود في الصحيفة. إذاً انتظرت «نيويورك تايمز» ١٦٠ عاماً كي تسمح لامرأة بالوصول الى منصب رئيس تحرير تنفيذي. جيل أبرامسون تسلّمت مسؤولياتها التحريرية الجديدة مطلع أيلول (سبتمبر) الماضي، بعدما شغلت منصب مديرة التحرير. الصحافية الخمسينية انضمت الى الـ «تايمز» عام ١٩٩٧، وبرز اسمها في الصحيفة على نحو سريع، فكانت محررة مكتب واشنطن الرئيسية، قبل أن تتسلّم إدارته عام ٢٠٠٠.
وبعدما عملت مديرة تحرير للصحيفة طيلة سنوات، طلبت رسمياً، العام الماضي، إعفاءها من مهمّاتها اليومية «كي تتفرغ لتفعيل موقع الصحيفة الإلكتروني، وتكتسب مهارات في هذا المجال». المرأة المعروفة بصوتها العريض وديناميّتها وشغفها بالعمل الصحافي كانت تقرأ «نيويورك تايمز» منذ كانت طفلة، كما يشرح البورتريه المطوّل عنها في مجلة «ذي نيويوركر». وفي أول كلمة لها بعد تعيينها، قالت أبرامسون إن هذه الخطوة «شرف حياتها»، ولم تنسَ أن تشكر كل «شقيقاتها» في العمل «اللواتي أسهمن في أن أصل الى هذا المنصب». وأعلنت أنّ تركيزها سيكون على عمليات التفاعل بين النسخة الورقية والنسخة الإلكترونية، كي «نخلق ما يشبه مجتمعاً كاملاً لـ«نيويورك تايمز»»، كما وعدت زملاءها الصحافيين في أول رسالة إلكترونية لها بأنها «ستكون حاضرة في غرفة الأخبار على نحو كثيف، وستقلل الكلام وتستمع اليهم أكثر، وتجتمع معهم وتناقش أفكارهم».
من جهتهم، قال الصحافيون الذين اختبروا العمل مع أبرامسون كمديرة تحرير إنها «مخيفة وفظة وكثيرة الحركة والكلام»، لكن معظمهم رحّب بـ«الخطوة التاريخية»، مجمعين على أنّ أبرامسون «استحقت منصبها عن جدارة».
حدث آخر سبق تنصيب أبرامسون وسُمعت أصداؤه في أروقة الإعلام الأميركي، هو تعيين «نيويورك تايمز»، لأول مرة أيضاً، كاتب عمود مثلياً، لم يتردّد في التعبير عن ميوله. في أيار (مايو) الماضي، رُقّي فرانك بروني (٤٦ عاماً) الى منصب كاتب رأي ومعلّق في صفحات الرأي الخاصة التي تصدر كل يوم أحد. بروني شغل مناصب عدة في الـ «تايمز» سابقاً. كان مراسلاً سياسياً، ثم مدير مكتب روما، ثم مدير قسم «نقد المطاعم»، وأخيراً كاتباً في المجلة التي تصدرها الصحيفة. وقد انضم الى المطبوعة الشهيرة عام ١٩٩٥، وصدر له كتابان، أشهرهما ذاك الذي يتحدث فيه عن معاناته مع وزنه الزائد. الكاتب الصحافي استنكر في حديث مع موقع «هافنغتون بوست» التركيز على أنه مثلي، وقال «لن أركز في كتاباتي على مثليتي. أنا لم أفكرّ بنفسي ككاتب أو صحافي مثلي فقط، أنا كاتب وناقد ومعلّق... وصدف أنني مثلي، لا أكثر ولا أقلّ».