يعتقد عدد من الرّوائيين في الجزائر أن جائزة «بوكر» العربية ليست أكثر من لعبة مصالح وساحة تبادل منافع شخصية. بالتالي، هم لا يعوّلون عليها كثيراً. وما زال بعض كتّاب الدّاخل يتعاطون مع نظرائهم في المشرق العربي وفق «عقدة» تاريخية. يستشعرون دونية وبعداً عن المركز، ويحاولون إثبات وجودهم.
عندما يحصل كاتب جزائري على جائزة أدبية في فرنسا، فإن الصحف ستتعامل مع الموضوع على أنّه حدث عاديّ. لكن عندما يدخل روائي معرّب قائمة «بوكر» الطويلة، فسيكون ذلك الحدث الأهم، وستتحدث عنه الصحف طيلة أسابيع. فقد جرت العادة ألا تتعدّى الرواية الجزائرية المكتوبة بالعربية جغرافيا الوطن، وأن يكون «بوكر» حكراً على فئة معينة من روائيي المشرق.
كما أنّ الكثير من الأسماء المعروفة أعلنت عداءها للجائزة ذاتها، على غرار أمين الزاوي (الصورة) الذي كتب عقب استبعاد روايته «شارع إبليس» من المنافسة عام 2009: «كان المجتمع الأدبي والثقافي والإعلامي العربي برمته مبتهجاً بهذه الجائزة التي كان يُفتروض أن ترفع مستوى العلاقات الثقافية الحضارية بين الأدباء العرب من المشرق والمغرب الكبير. إلا أنّ ما حصل كان على العكس من ذلك تماماً، فقد «لوّث» المال الفاسد الحياة الثقافية وأفسدها وعفنها. فعلى هامش اللهاث والجري خلف جائزة «بوكر» العربية، تشكلت لوبيات إعلامية وشلل ثقافية وجيوب أدبية همها الربح أو النباح». وهو الانطباع نفسه الذي عبّرت عنه ضمنياً الروائية فضيلة الفاروق، بعد استبعاد روايتها «أقاليم الخوف» من السباق. طوال الدورات الماضية، جاء حضور الجزائر في الجائزة باهتاً. لم تتجاوز روايتا «يوم رائع للموت» (2009) لسمير قسيمي و«البيت الأندلسي» (2010) لواسيني الأعرج عتبة القائمة الطويلة. كما أن اختيار رواية «دمية النار» لبشير مفتي ضمن قائمة الدورة 2012، لا يلقى تفاؤل كثيرين، لكون الرواية تزخر بالهمّ السياسي.
الروائي نفسه استطاع أخيراً أن يكرّس اسمه محلياً وعربياً، مستفيداً من موقعه كمسؤول عن «دار الاختلاف» التي تنشر كتبها بالتعاون مع «الدار العربية للعلوم ناشرون» في لبنان. ويتهمه بعض الكتّاب المحليين بإقصاء المبدعين. إذ تفيد المعاينة أن «دار الاختلاف» لم تنشر خلال السنوات الثلاث الماضية، سوى أعمال لأربعة أسماء فقط. مع ذلك، فإن الكثيرين هنأوا مفتي بالوصول إلى القائمة الطويلة، في انتظار الإعلان عن القائمة القصيرة التي يأمل كثيرون منها إنصافاً للرواية الجزائرية المكتوبة بالعربية.