الرباط | بعد يوم واحد على انطلاق حركة «20 فبراير» الاحتجاجية في المغرب، أطلق أحدهم أغنية راب ونشرها على يوتيوب باسم «الحاقد». رفع السقف عالياً، وخاطب ملك البلاد، عادّاً نفسه «صوت الشعب»، ومنتقداً النظام بقسوة. لم يكن أحد يعرفه حينها.
«الحاقد» معتقل اليوم في سجن عكاشة في الدار البيضاء منذ 9 أيلول (سبتمبر) الماضي. ألقي القبض عليه بتهمة الضرب والجرح... لكن تهمته الحقيقية تهمة سياسية. كلمات أغنياته رفعت عالياً سقف انتقاد النظام السياسي المغربي. اسمه الحقيقي معاذ بلغوات، ينحدر من حي شعبي فقير.
خلال الأيام الأولى للحركة الاحتجاجية، شارك ابن الرابعة والعشرين في الاجتماع العام لشباب «20 فبراير»، في مقرّ «الحزب الاشتراكي الموحّد» في الدار البيضاء. بدا الخجل على ذلك الفتى النحيل والطويل. كانت مداخلاته تشي بأنّه لم يتقن لؤم السياسة بعد. كان يحاول الانتصار براديكاليّة لشعار «الشعب يريد...» الذي تردّد صداه في ساحات العواصم العربية. لم يكن أحد يعرف بعد أنّه الحاقد، صاحب أغنية «إذا الشعب يوماً» التي تناقلها شباب الحركة الثائرة، في خضمّ الحراك الاحتجاجي. تقول الأغنية: «إذا الشعب يوماً أراد الحياة/ ينوض يدوي على راسو باركة من السكات/ راهم كلاو رزاقنا وولاحولينا لفتات/ وشحال من مناضل على قبلنا مات/ نوضو ينعاسة/ شوفو شعب في مصر/ شوفو شعب التوانسة/ وكدب عليك لي كاليك المغرب حالة خاصة».
أصدر الرابر أغنية ثانية فثالثة ثمّ رابعة... من الناحية الموسيقيّة، كانت أعماله هاوية إلى حدّ ما، لكنّ سقف كلماتها الناقدة كان عالياً. راح يحرّف شعارات المديح للنظام، جاعلاً منها مديحاً للشعب... قناة ARTE زارته في بيته. وأمام كاميراتها، ردَّد خطابه الناري محرفاً شعار المملكة «الله الوطن الملك». قال للقناة: «كلشي ما راضيش بالنظام. كذب عليك اللي قال لك المغرب حالة خاصة. الله، الوطن، الحرية. ما حد السلطة باقية في يد واحد، غادي نبقى حاقد.» (ما دامت السلطة باقية في يد رجل واحد، سأظلّ حاقداً).
تحوّل الحاقد إلى مغني «20 فبراير»، ولم يغب عن اجتماعاتها ومسيراتها. راح يردّد أغنياته في الشارع، والتجمعات. كلماته الحارقة كانت كافية ليتحوّل إلى المطلوب الرقم واحد: انتقاد الملكية، ووصف عباس الفاسي الوزير الأول، بـ«الفاشي»، لكنّه لم يُعتقل ـــ رسمياً على الأقلّ ــ بسبب أغانيه، بل «بسبب شجار اعتدى فيه على مواطن» بحسب السلطات.
مطلع أيلول (سبتمبر)، كان «الحاقد» يوزع منشورات تدعو إلى مسيرة في حي الألفة الفقير حيث يعيش. وقع شجار بينه وبين أحد الشباب المنضوين في حركة «الشباب الملكيين» المناصرة للنظام. كيف وقع الشجار؟ وما سببه؟ تختلف رواية «الضحية» عن رواية «الحاقد» ورفاقه، لكنّ الثابت الوحيد أنّ السلطات تحرّكت بسرعة في ملف «ضرب وجرح»، لا يعالَج «بالفعاليّة» ذاتها عادةً. اعتقل «الحاقد» وما زال قابعاً في سجن عكاشة منذ ذلك الحين.
حركة «20 فبراير» تصرّ على أنّ اعتقال «الحاقد» سياسي، وقد أصدرت بيانات تدين سجنه، كما رفعت في كل مسيراتها شعار المطالبة بالإفراج عنه، ونظمت وقفات احتجاجية أمام «ولاية الأمن» في الدار البيضاء دعماً للرابر، الذي أعطى الحركة الشعبيّة الكثير من شعاراتها. أكثر من 100محام اصطفوا للدفاع عنه. ماريا كريم، منتجة برامج وثائقية وعضو في حركة «20 فبراير» الدار البيضاء، أسست لجنة للدفاع عنه، وأطلقت مبادرة التقاط صور للافتات كتب عليها «الحرية للحاقد»... «أدعو الجميع للاستجابة لهذا المطلب»، تقول الشابة لـ«الأخبار».... على أمل أن تنجح كلّ هذه التحركات في الإفراج عن الرابر الذي أزعج النظام المغربي كثيراً.



الطبقة الكادحة*

وبالنسبة للشباب المغاربة/الطبقة الكادحة/ اللتي تعيش بدون وساطة/ وصينا القوات المساعدة يتهلاو فيكم بالعصى والزرواطة/ (...) وبالنسبة للشابات المغربيات/الطبقة الكادحة/ التي تعيش طوط طوط في الرصيف/ وقلة قليلة تبيع الرغيف/ كنقتارحوا عليكم: الفوطة ودردك والبوكيمون، باش تعونو الإقتصاد المغربي السياحي/ تمثلونا فالفيديو كليبات الخليجية (...).

* من أغنية «خطاب حاقدي» لمعاذ ــ الحاقد