يحاول ياسمينة خضرا أن يقدّم نظرة عن العالم الثالث بعد الصورة النمطية التي روّجها الإعلام الغربي، بوصفه بقعةً غارقةً في الأصولية والتطرف والعنف، وخصوصاً المنطقة العربية والإسلامية. لذا، تأتي أعماله الأدبية لمناقشة قضايا الشرق الأوسط برؤية حيادية، وإن عاب عليه كثيرون طريقة تناوله لموضوعاته وأوّلها قضية الصراع العربي الإسرائيلي، إذ شنّت وسائل الإعلام العربية والجزائرية هجوماً عنيفاً عليه بعد صدور روايته «الاعتداء»، التي تناول فيها القضية الفلسطينية، وخصوصاً أنّه انتقد العمليات الاستشهادية ضد الإسرائيليين. وفي الجهة المقابلة، اتهم بعض المثقفين الصهاينة خضرا بكتابة رواية متعاطفة مع الفلسطينيين. وبين الرأيين، كان الأديب يحاول أن يجعل «الاعتداء» رواية إنسانية خالصة...منذ رواياته الأولى «أمين» (1984) التي كتبها أثناء إقامته في الجزائر، حيث عمل في الجيش الجزائري طيلة 37 عاماً، مثل العنف والإرهاب أحد المواضيع الأساسية في رواياته، مثل رائعته «موريتوري» (1997) التي تحوّلت إلى فيلم، ورواية «خرفان الله» (1998) مروراً برواية «بماذا تحلم الذئاب؟» التي كتبها عام 1999 وحققت مبيعات ضخمة في أوروبا. كلها روايات أسقط فيها خضرا مأساة العشرية السوداء التي عاشتها الجزائر في تسعينيات القرن الماضي، نتيجة التطرف الديني، وما نتج عنه من تصاعد لعمليات الاغتيالات والعنف. ومع مطلع عام 2000، أصدر روايته «الكاتب» التي تعد سيرته ذاتية.
استعار خضرا اسمه الأنثوي من زوجته، بعدما كان يوقّع كتاباته الأولى باسمه الحقيقي (محمد مولسهول). وبرر إقدامه على ذلك بمحاولة إعلاء صوت المرأة الأدبي في مجتمع غارق في التقاليد البالية. ومنذ استقراره في فرنسا، حيث عُيِّن مديراً للمركز الثقافي الجزائري في باريس، انتقل إلى مواضيع أبعد جغرافياً وأوسع سياسياً مثل «سنونوات كابول»، التي أصدرها عام 2002 وطرح فيها موضوع الغزو الأميركي لأفغانستان. والمنحى ذاته انتهجته روايته «صفارات بغداد» الصادرة عام 2006، التي تناولت الاحتلال الأميركي لبلاد الرافدين، إضافة إلى روايات أخرى. هكذا، صار من أكثر الكتاب الفرانكفون المنتقدين للعالم الغربي. وقد صرّح في أكثر من مناسبة بأنّ الغرب هو الذي صنع الإرهاب، كما لا يتوانى عن الدفاع عن القضية الفلسطينية خلال مشاركاته في كبريات المؤتمرات والندوات الدولية، منتقداً في كل مناسبة هجوم العالم الغربي على الإسلام.
فاز خضرا بـ «جائزة الأكاديمية الفرنسية للآداب 2011» في حزيران (يونيو) المنصرم. وحققت كتبه انتشاراً واسعاً في أوروبا والولايات المتحدة، وترجمت أعماله إلى ثلاث وثلاثين لغة. وبعد هذا النجاح من الطبيعي أن يتعرّض للمساءلة والنقد... أكان لجهة موقفه من السلطة في بلاده، أم لجهة تقديمه تنازلات غير مرئيّة بالعين المجرّدة، للخطاب الغربي، أو بالأحرى لنظام القيم الذي صنع شهرته ونجاحاته الأدبيّة.