دمشق | يبدو أن التطورات على أرض الواقع في سوريا تسير عكس ما كان متوقعاً، وخصوصاً بعد موافقة النظام على المبادرة العربية، وهي المبادرة التي ينصّ أحد بنودها على «الإفراج الفوري عن معتقلي الرأي والنشطاء السلميين، والسماح لوسائل الإعلام المختلفة بدخول الأراضي السورية وتغطية الأحداث بحرية»؛ إذ كشفت منظمة «مراسلون بلا حدود» عن قائمة تضم أسماء أكثر من عشرين صحافياً سورياً معتقلاً. ورأت المنظمة أن السلطات السورية مسؤولة مباشرة عن اختفاء هؤلاء الإعلاميين والناشطين. وضمّت القائمة أسماء كل من عامر مطر، وعمر الأسعد، وهنادي زحلوط، وجهاد جمال، ونزار البابا، وأحمد بلال، وعلوان زعيتر، وزهير المشعان، وعبد المجيد تامر، ومحمود المحمد... وتضمّ القائمة أسماء صحافيين اعتقلوا أكثر من مرة، ومنهم من لا يزال مصيره مجهولاً منذ لحظة اختفائه.وآخر فصول الاعتقالات كان بطلها المخرج السوري نضال حسن الذي اعتقل للمرة الأولى إثر مشاركته في تظاهرة للمثقفين السوريين، وقدّم يومها للمحاكمة. لكن حسن عاد واختفى يوم الخميس الماضي «إثر زيارته لأحد فروع الهجرة والجوازات لتجديد جواز سفره» كما أكد لـ«الأخبار» مخرج سوري وصديق مقرّب من نضال حسن رفض الكشف عن اسمه. وأضاف: «كان يجهّز نفسه للمشاركة في مهرجان سينمائي سيقام في 13 من الشهر الحالي في العاصمة الدنماركية وتسلم منحة إنتاجية لفيلمه السينمائي المقبل. ومنذ ذلك الوقت، لا نعرف عنه شيئاً». وفضل صديق حسن عدم التسرع في إطلاق الأحكام بشأن عملية الاعتقال، أو ربطها بمواقف حسن المناهضة للنظام؛ إذ «عوّدتنا فروع الهجرة والجوازات السورية حدوث اعتقالات مماثلة، نتيجة أخطاء في البيانات الشخصية، كالتشابه في الأسماء أو التهرّب من الخدمة العسكرية الإلزامية، يذهب ضحيتها عدد كبير من الشباب السوري». وأشار إلى أن هذه الممارسات الخاطئة ساهمت إلى حد كبير في احتقان الشارع السوري «ربما تعودنا هذه الممارسات في الماضي. يمكن أن يعتقل أحد لمدة 15 يوماً قبل اكتشاف الخطأ، لكن في هذه المرحلة التي نعيشها، أتمنى على الأمن توخي الحذر، مع ترجيحي أنّ اعتقال نضال حسن يعود إلى مواقفه المناهضة للنظام». بدوره، صرح الناشط السياسي والصحافي مهند عمر أن اعتقال حسن جاء رغم «موافقة النظام على المبادرة العربية التي تنص بطريقة أو بأخرى، على إطلاق سراح معتقلي الرأي والمعتقلين السياسيين والصحافيين...». وأكد عمر أنّ الممارسات تمثل خطراً حقيقياً على البلاد في المرحلة المقبلة، مضيفاً: «هؤلاء الناشطون والمثقفون هم صمام الأمان الذي يمنع تفجر النعرات الطائفية والمذهبية، في بلد يضم تركيبة ديموغرافية قابلة للاشتعال بسبب تعدد الإثنيات والطوائف».