«الصورة بألف كلمة»، قال أرسطو قبل ألفي عام، فهل أصبحت تساوي اليوم مليون كلمة؟ لم يكن فنانو الكوميكس في مصر من كشفوا فتك سلاحهم... بل النظام السابق نفسه. ففي عام 2008، أصدرت محكمة جنح القاهرة حكماً بمصادرة رواية شرائط مصورة اسمها «مترو»، وتغريم كاتبها مجدي الشافعي مبلغاً مالياً. تصوّر «مترو» معاناة رجل الشارع، من خلال إسقاطات على الحياة المصريّة اليومية. اليوم، وبعد ثورة «25 يناير»، يبادر الشافعي، بالتعاون مع «مركز هشام مبارك» الذي تولّى الدفاع عنه، إلى إصدار مجلّة كوميكس لتعريف الناس بحقوقهم. وفي مقدمة المجلة، يعزو الرسام والمركز الفضل في إصدارها، إلى ضباط مباحث الآداب الذين لفتوا انتباههم إلى تأثير فن الكوميكس.
تحمل المجلة اسم «الدشمة ــ اعرف حقوقك»، وتعاون على إصدارها فنانون كثر من خلال إنجاز قصص مصورة تحكي كل واحدة منها مبدأ من مبادئ حقوق الإنسان. وفي حفلة إطلاق المجلّة التي استضافها معهد «غوته» في القاهرة أخيراً، شرح مجدي الشافعي رقم «اثنين» الذي يحمله العدد. إذ إنّ ظروف قيام الثورة المصرية منعت طبع العدد الأوّل، ولهذا تمّ تجاوزه إلى «الدشمة 2».
تكسر المجلّة الكثير من المحرّمات... ففي «ثلاثة في الثورة»، يحكي الرسام السكندري إسلام أبو شادي حالة ثلاثة أشخاص لحظة الثورة، ومنهم مسلم متزوّج من مسيحية. وتشرح القصّة المبدأ 16 من مبادئ حقوق الإنسان: «لكلّ رجل وامرأة متى أدركا سن البلوغ، حقّ الزواج وتأسيس أسرة من دون أي قيد بسبب العرق أو الجنسية أو الدين...».
قد تكون «الدشمة» بدايةً لتحويل الكوميكس إلى صناعة مصريّة، بحسب الرسام السكندري عمر أحمد. برأيه أنّ ««الدشمة» تعبير حقيقي عن البيئة المصرية». المجلة هي تدعيم فني لعصر الحرية الذي بدأ يتفتّح في مصر بصعوبة. «جميعنا نسعى إلى بناء عالم جميل ونقي، كل من وجهة نظره. لكنَّ المشكلة حين يجبرنا الآخرون على التزام مسار حدّدوه هم»، يقول الشافعي، مهدياً المجلّة إلى كلّ قارئ يدرك أنّه هو الرقيب الوحيد على نفسه...