«لم يعد بإمكاني العودة إلى الوراء، لذا أعمل جاهداً لأتطوّر وأتقدّم دائماً»، كتب أحمد قبيسي في مقدّمة كتابه الخامس «فنون الماكياج» الصادر عام 2009. وبالفعل حرص خبير التجميل اللبناني على وضع بصمات إضافيّة على عمله. وبعدما صار حلم الأمس واقعاً، تراوده اليوم أحلام أخرى، أهمها ولادة كتابه الجديد «حياة راقية»، الذي يضيء فيه على الأخطاء التي نرتكبها في حياتنا اليوميّة وتصرفاتنا. وفي انتظار توقيع الكتاب في فندق «فينيسيا» (بيروت) الشهر المقبل، يكمل قبيسي رحلته الجماليّة مع نجمات الفن وسيدات المجتمع. أما سياسيّاً، فهو يتحمّل نتيجه خياره الشخصي في دعم النظام السوري الذي تسبّب بإخراجه من قطر. هكذا، بعد تسع سنوات من عمله لمصلحة الشيخة موزة زوجة أمير قطر بات اليوم من الشخصيات غير المرغوب فيها في هذه الإمارة الخليجية.وبعدما خاطب الجنس اللطيف في كتبه السابقة المتخصّصة بفنون التجميل، يحاول قبيسي في عمله الأخير أن يتوجه إلى الرجال والنساء معاً، غير أنه لم يتمكن من التمرّد على عمله في مجال التجميل إذ يقول: «لعل أنانيتي في عملي هي التي دفعتني للكلام عن المرأة أكثر، من دون قصد».
لماذا يتناول قبيسي كخبير تجميل كيفيّة التصرف في المجتمع؟ يعترض على فكرة احتكار أشخاص معينين لكتب النصائح والتصرف السليم، «إذ لكل اختصاص دراسة، إلّا الأخلاق والإتيكيت واللياقة، هذه الأمور تعد من البديهيات»، سائلاً: «ومن قال إن الماكياج ليس مرتبطاً باللياقة، إنه قناع نرتديه والبروتوكول أسلوب حياة نقتدي به، كما أنه لا يخرج عن إطار دراستي لعلوم الاجتماع».
وضع قبيسي لمسته على وجه فيروز، وقدّم ماجدة الرومي بأسلوب أكثر رشاقة، وعمل مع نجوى كرم ثم مع ميادة الحناوي، وكارول سماحة، وسلاف فواخرجي، لذلك يقول بصراحة: «هالة النجوم عندي انكسرت»، لكن هذا القرب من الفنانين والنجوم، وهذه الشهرة التي اكتسبها في مجال عمله لا يغريانه، بل يسبّبان له الإحراج أحياناً. ويعترف بأن «كلمة ماكيور تضايقني، إذ إنني أرفض أن أجد نفسي محصوراً داخل صالون التجميل، لذا انتفضت لأعطي قيمة إضافيّة لعملي بتأليف الكتب».
وبعيداً عن الفن والتجميل، لا يُعدّ قبيسي من الأشخاص الذين يخافون على مستقبلهم، بل يقدم على خطوات ليست مدروسة كفاية. هكذا لبى نداء عائشة القذافي في يوم زفافها وسافر إليها في طائرة خاصة، متحدياً العلاقات الدبلوماسيّة شبه المقطوعة بين البلدين، كما دفع أخيراً ثمن خياره المناصر للنظام السوري، وهجومه على قناة «الجزيرة» ودولة قطر، وخرج من الدوحة. ورغم ذلك يبدو قبيسي مقتنعاً بمواقفه، ويعلّق قائلاً: «دخلت قطر نجماً وخرجت منها كذلك، ويوم سألتني أم جاسم (الشيخة موزة)، عمّن يحرّضني، أجبتها بأنها قناعاتي»، فإلى أين ستقوده قناعاته؟