القاهرة | منذ الأيام الأولى لـ«ثورة 25 يناير»، بدا واضحاً أن الشباب عصبها الأساسي. دعا هؤلاء إلى التظاهر عبر صفحات فايسبوك، وهم أيضاً الذين نزلوا إلى ميدان التحرير يوم كان البلطجية يقتلون المتظاهرين. وبقي الشباب في الميدان حتى بعد سقوط حسني مبارك، لكن المفارقة التي تظهر اليوم أنّ أياً من هؤلاء لم يترشّح لانتخابات مجلس الشعب المنتظرة في الثامن والعشرين من الشهر الحالي. هكذا سيغيب عصب الثورة مقابل بروز أسماء بعض الفنانين والإعلاميين الذين اختاروا دخول المعترك السياسي من باب «صحّة تمثيل الشعب بعد الثورة». إلا أن هذا العنوان الرنّان لم يحمّس فناني الصف الأول، بل اقتصرت الترشيحات على الذين لا يملكون شهرةً أو حضوراً واسعاً في الشارع المصري، عكس ما كان يحدث في السنوات السابقة. مثلاً، شهدت الدورة الأخيرة حضوراًً قوياً للفنانة القديرة سميرة أحمد. وقد يكون سبب تراجع الفنانين عن الترشح هو المقولة الشهيرة التي انتشرت أخيراً عن أن «المصريين لا يعطون أصواتهم للممثلين». وهي القاعدة التي شهدت استثناءات في السنوات الماضية، مثل نجاح الموسيقار الراحل كمال الطويل، أو الممثل المخضرم حمدي أحمد في الوصول إلى قبة البرلمان. لكن هذا الفشل الذي رافق الفنانين في السنوات السابقة، قد لا ينطبق على الدورة الانتخابية المقبلة، وخصوصاً أنها عملية الاقتراع البرلمانية الأولى بعد سقوط نظام مبارك، إذ ينتخب المصريون هذا العام وفقاً لنظام القائمة، أي إن مجمل المرشحين على القائمة نفسها يدخلون المجلس النيابي معاً من دون الاعتماد على القدرات الفردية لكل شخص.
وقد خطفت الممثلة تيسير فهمي الأضواء خلال الأيام القليلة الماضية على اعتبارها أبرز المرشحات من الوسط الفني. مع العلم أنّ عدد المشاهير المشاركين في الانتخابات هو ثلاثة. إلى جانب فهمي، ترشّحت الإعلامية جميلة إسماعيل، وهي ناشطة سياسية بامتياز، والممثلة هند عاكف. أما نجوم كرة القدم أو غيرها من الرياضات، فغابوا تماماً عن المشهد الانتخابي.
البداية مع تيسير فهمي التي تعد من الوجوه البارزة المعارضة لمبارك حتى قبل الثورة وسقوط النظام. وقد اتهمها نقيب الممثلين السابق أشرف زكي بإهانة الرئيس المخلوع محتميةً بالجنسية الأميركية التي تحملها. إلا أن فهمي التي اشتهرت بشخصية «سارة» في مسلسل «رأفت الهجان»، لم توقف نشاطها السياسي حتى بعد سقوط مبارك، حيث أعلنت تأسيس «حزب المساواة والتنمية» مع زوجها المنتج أحمد أبو بكر. وتترشح الممثلة الشهيرة عن دائرة قصر النيل في العاصمة المصرية، ضمن قائمة «الثورة مستمرة». وتضمّ القائمة نفسها مجموعة من الأحزاب، بعضها ذات طابع اشتراكي يساري. وأشارت فهمي إلى نيّتها اعتزال الفن إذا نجحت في تمثيل الشعب المصري تحت قبة البرلمان. هكذا بدأت أخبارها تتوالى في برامج الـ«توك شو» والبرامج السياسية بدلاً من نشرات الأخبار الفنية. يأتي ترشّح فهمي ضمن تحالف «الثورة مستمرة»، الذي يضمّ 34 قائمة في مختلف أنحاء مصر، وينضوي تحت لوائه 268 مرشحاً.
أما الممثلة الثانية المرشّحة فهي هند عاكف، التي غابت عن الأضواء منذ فترة باستثناء تألقها في دور والدة ليلى مراد في مسلسل «أنا قلبي دليلي» قبل عامَين. وقد رشّحت عاكف نفسها عن دائرة جنوب القاهرة ضمن القائمة التابعة لـ«حزب مصر القومي»، وهو أحد الأحزاب التي كونها أعضاء سابقون في «الحزب الوطني» المنحل، يتقدّمهم طلعت السادات، نجل شقيق الرئيس الراحل أنور السادات. وقد أعلنت الممثلة المصرية أنها تحب العمل السياسي منذ طفولتها، لكن الظروف لم تسمح لها بالمشاركة. ورأت أن الثورة فرصة مناسبة لها لتكون في الشارع بعيداً عن أي ضغوط. أما برنامجها الانتخابي، فبدا متنوعاً وإن كان من أولوياتها فرض الرقابة على عمل الشرطة، لكن عكس زميلتها تيسير فهمي، نفت نيتها اعتزال الفن لأنها من الأساس لا تقدم أعمالاً كثيرة، وبالتالي سيبقى لها الوقت كي تتفرّغ للعمل السياسي، بل إن عاكف ذهبت أبعد من ذلك، مؤكدةً الصلة بين الفن والسياسة «والفن جزء لا يتجزأ من السياسة، لأن الفنان يقدم سياسة عن طريق التلفزيون، وهو ما يجعله مؤثراً جداً في الشارع المصري».
وقبل ساعات من إقفال باب الترشّح، تقدّم المطرب سامح يسري للجنة القضائية المشرفة على الانتخابات بطلب الترشح عن دائرة مصر الجديدة، معترفاً بأنّه سيواجه منافسة شرسة من أسماء ذات ثقل سياسي، لكنه أضاف إنه متأكد من استفادته من التجربة في كل الحالات. ويسري لا يتمتع بشهرة كبيرة في المحروسة، بل إنّه غائب عن الغناء والتمثيل منذ أعوام عدة.



جميلة إسماعيل: استعداداً للانتخابات

قبل أيام، قدّمت جميلة إسماعيل الحلقة الأخيرة من برنامجها «إعادة نظر» على قناة «النهار». وتغيب الإعلامية المصرية عن الشاشة في الفترة المقبلة للإعداد لحملتها الانتخابية. وقالت إسماعيل إن انسحابها من العمل الإعلامي خلال هذه الفترة هو لـ«الحفاظ على استقلالية القناة خلال تغطية انتخابات مجلس الشعب... واحتراماً منّي لأخلاقيات المهنة». وأضافت إنّها «ترفض الحصول على مميزات إضافية عن باقي المرشحين». وتخوض جميلة إسماعيل الانتخابات عن المقعد الفردي في الدائرة السادسة ـــــ قصر النيل التي خاضت الانتخابات عن جزء منها العام الماضي.