دمشق | بعدما كان أحد أهم مديري الإضاءة والتصوير، اتجه أحمد ابراهيم أحمد إلى الإخراج، فحقّق نجاحاً ملحوظاً مع ثلاثة أعمال لم تمر مرور الكرام رغم التسويق السيئ الذي رافقها. حقّق نجاحاً لافتاً في «طريق النحل»، تلاه «لعنة الطين» الذي اصطدم بالرقابة التي أرادت إفراغه من محتواه وجرأته. وأخيراً، حقّق مسلسله «سوق الورق» الذي عرض في رمضان الماضي، قبولاً واسعاً لدى الجمهور والنقاد، إلى جانب المعركة التي أشعلتها جامعة دمشق ضدّ العمل بدعوى أنّه يخلق فتنة بين الأساتذة والطلاب! وكلنا يتذكّر يوم أحيلت كاتبته الطالبة آراء الجرماني إلى لجنة انضباط تمهيداً لفصلها من الجامعة. أثارت القضية الكثير من الجدل في سوريا، إلى أن هدأ السجال مع صدور مرسوم رئاسي أعفى رئيس الجامعة من مهامه، ووضع حداً للمعركة الطاحنة التي أثيرت حول المسلسل.
«لم أكن أتوقع هذه الحرب على المسلسل. كنت أنتظر حرباً على الفساد الذي فضحنا جزءاً يسيراً منه في هذا العمل» يقول أحمد إبراهيم أحمد في حديثه لـ«الأخبار». ورداً على الانتقادات التي رافقت عرض مسلسله، خصوصاً تسريع حركة الكاميرا في بعض المشاهد، يعلّق: «حاولت التجريب على المستوى البصري لأنني أعتقد أنّ الفن بحد ذاته تجريب. لا قاعدة ثابتة في الإخراج، تملي علينا شغلنا. لذا من المحتمل أن أنجح أو أفشل في ما أقدمه من حلول بصرية». ويضيف أنّه حاول في «سوق الورق» التعبير عن عنصر الزمن بصرياً لكونه بدأ يفقد قيمته بالتوازي مع هجمة التكنولوجيا الشرسة.
من جانب آخر، ينفي المخرج السوري ما يردده الوسط الفني عن دخوله في موجات غضب هستيرية أثناء التصوير. يقول: «المخرج يحمل هموم العمل ويتحمّل مسؤوليات ليست من اختصاصه. ثم هناك ممثلون سوريون يحاولون فرض وجهات نظرهم الشخصية». بعيداً عن هذا النقاش، يثني أحمد ابراهيم أحمد على عودة الأعمال الرومانسية في الموسم الرمضاني الأخير مثل «جلسات نسائية» للمثنى صبح و«الغفران» لحاتم علي. ويؤكّد صاحب «لعنة الطين» أنّ الموسم الأخير كان قيّماً في ما قدّمه من أعمال، خصوصاً إذا ما قورن حصاد الموسم الأخير بالظروف السياسية التي هزت البلد. لكن ماذا عن الموسم المقبل، خصوصاً أنّ حالة الترقّب التي يعيشها صنّاع الدراما السورية طالت أكثر من اللازم؟ يجيب: «لا أستطيع أن أتنبأ بمستقبل الدراما السورية. ولا أعلم ما ستؤول إليه الأمور بالنسبة إلى هذه الصناعة. لكن على المستوى الشخصي، القادم هو مجهول تماماً. الدولة تتحمّل جزءاً من العبء، إضافة إلى تحمّلها مسؤولية الأزمة السياسية التي تعصف بالبلد. بينما يتخوف القطاع الخاص من المغامرة والإنتاج في ظلّ هذه الظروف ووسط ندرة الفضائيات السورية التي قد تقبل فوراً على شراء المسلسلات».
ليست مصادفة أن يتعاون صاحب «طريق النحل» مع كتّاب يخوضون تجربتهم الأولى في كتابة السيناريو التلفزيوني. لقد صارت هذه المسألة سمة تميّز أعماله منذ «طريق النحل». هذا ما فعله أيضاً في «سوق الورق». وها هو يعاود الكرة مع أسهم عرسان الذي شارف على الانتهاء من نصّ تعاونا معاً على وضع خطوطه العريضة. وقد بدأ أحمد ابراهيم أحمد رحلة البحث عن منتج ليباشر تصوير العمل. لكنّه يتحفظ على الخوض في تفاصيل قصته، ريثما يبرم عقداً مع الجهة المنتجة. كذلك، تعاون مع الشاعر السوري وفيق خنسة الذي كتب له مسلسل «حاتم الطائي» الذي تأجّل تصويره بعد انسحاب إحدى الجهات المنتجة. يحبّ المخرج السوري التعاون مع مؤلفين يكتبون السيناريو للمرة الأولى. برأيه، فإنّ كاتب السيناريو يضع دوماً عصارة تجاربه وخبرته في النص الأول.