الدوحة | مع «الذهب الأسود»، بدأت الدورة الثالثة من «مهرجان الدوحة ترايبيكا السينمائي»... ومع «السيّدة» للوك بوسون، أقفلت أبوابها أوّل من أمس. «نورمال»، شريط الجزائري مرزاق علواش، فاز بجائزة أفضل روائي عربي، متقدّماً على7 أفلام شاركت في المسابقة، علماً أنّ السينمائي السوري محمد ملص كان على رأس لجنة التحكيم.
جائزة أفضل مخرج كانت من نصيب المغربي رشدي زام عن فيلمه «عمر قتلني»، فيما ذهبت جائزة أفضل أداء لسامي بوعجيلة عن دوره في العمل نفسه. أمّا جائزة أفضل وثائقي، فكانت من نصيب «العذراء، الأقباط، وأنا» للفرنسي من أصل مصري نمير عبد المسيح، كما حازت جائزة أفضل إخراج في الفئة نفسها المخرجة اللبنانية رانيا اسطفان عن فيلمها «اختفاءات سعاد حسني الثلاثة». وفاز فيلم «وينك؟» للسعودي عبد العزيز النجيم بجائزة أفضل فيلم قصير، فيما نوّهت لجنة التحكيم بعمل وثائقي ابداعي للمخرج اللبناني الشاب أحمد غصين بعنوان «أبي ما زال شيوعياً، أسرار حميمة للجميع».
بلغت كلفة فيلم الافتتاح «الذهب الأسود» 55 مليون دولار، وهو إنتاج مشترك بين «مؤسسة الدوحة للأفلام» و«كوينتا» للإعلام للمنتج التونسي طارق بن عمار. وقد روّج «مهرجان الدوحة ترابيكا» لهذا العمل، باعتباره «بداية عصر جديد للسينما العربية!». ولعلّها بداية جديدة لناحية الكلفة الإنتاجية فقط. فالعمل من إخراج الفرنسي جان جاك أنو، كما أنّه ناطق بالانكليزية، باستثناء عبارات مثل «الله أكبر»، و«ما صشاء الله»، و«السلام عليكم». تدور الأحداث في شبه جزيرة العرب، وتروي الصراع بين الأمير نسيب (أنطونيو بانديراس) والأمير عمار (مارك سترونغ) بعد اكتشاف الأميركيين للنفط. الأول يريد لمملكته أن تصبح قوية وغنية، والثاني يرى أن النفط سيخرب المنطقة بمن فيها. الأمير عودة، ابن عمار، (طاهر رحيم)، سيتخلّى عن ولعه بالقراءة والكتب، ويتولّى قيادة الحرب ضدّ نسيب... لكنّ الأمير الشاب يعشق ابنة غريمه، الأميرة لالا (فريدا بينتو). في الخلاصة، سنكون أمام بنية هوليوودية لمسلسل بدوي، بإمكانات هائلة، وقدرات على إدارة المعارك.
وعلى النقيض من «الذهب الأسود»، جاء «نورمال» فيلم مرزاق علواش. الشريط المتقشّف صوّر بكاميرا ديجيتال، ويحكي فيه صاحب «عمر قتلاتو» عن فيلم غير مكتمل. نقع منذ البداية على مخرجٍ وزوجته يخوضان نقاشاً طويلاً حول تظاهرات تشهدها الجزائر العاصمة. يدعو المخرج الممثلين المشاركين في فيلمه إلى مشاهدة نسخة غير مكتمله منه، إذ يعتزم تضمينه مشاهد مما يدور في شوارع العاصمة، فيما تهتمّ زوجته بالمشاركة في التظاهرات. ولعلّ عرض هذين الخيارين هو لبّ الفيلم الذي يطرح سؤالاً كبيراً حول دور الفنان عند المنعطفات التاريخيّة: فهل تقتصر مهمّته على إنجاز عمل فنّي، أم عليه المشاركة في الاحتجاجات الشعبيّة؟
في «عمر قتلني» («الأخبار»، 11/ 8/ 2011)، نكتشف رشدي زام في أولى تجاربه الإخراجيّة. قصة عمر، البستاني المغربي، هزت الرأي العام الفرنسي، إذ تحمل في طياتها إضاءةً مؤلمة على العنصرية تجاه المهاجرين العرب. لا يعطينا الفيلم متسعاً من الوقت للمضي خلف قصّته الموزّعة بين الماضي والحاضر... كل ما سنشاهده يتمركز حول مقتل ارستقراطية فرنسية، كتبت على الجدار في القبو حيث قتلت: «عمر قتلني»، بدمها ومع خطأ املائي فاضح. وعمر ليس إلا البستاني العامل في حديقتها، وهو مهاجر مغربي لا يعرف القراءة والكتابة، ويعمل كوالده بستانياً، ويعد السيدة بمثابة أمّ ثانية له. إيقاع الفيلم مدهش. في المحكمة، يحكي عمر عن نفسه بالعربيّة، ويتولّى مترجم نقل ما يقوله إلى الفرنسية. ثمّ يتحرك الفيلم نحو استعادة لحظات اعتقال عمر، واستجوابه بالفرنسية، وتلاعب الشرطة بالأدلة بما يخدم إدانة عمر... فكل فرنسا آمنت ببراءة عمر، باستثناء القضاء!