صنعاء | مجدداًَ، يثبت التلفزيون اليمني أنه مجرّد وسيلة تهدف إلى خدمة النظام. منذ انطلاق «ثورة الشباب»، تحوّل هذا التلفزيون إلى ببغاء يكرّر ما يقوله علي عبد الله صالح. حرص منذ بداية الاحتجاجات على نقل صورة واحدة، وصوت واحد، هو صوت النظام، مصوّراً الشباب المحتجين على أنهم «مخربون».إذاً، المحطة التي تموّلها ضرائب اليمنيين انقلبت ضدّهم منذ أشهر، وهو ما بدا واضحاً أخيراً بعد إعلان فوز توكّل كرمان بـ«جائزة نوبل للسلام». رغم أن برقيات التهنئة انهالت على الناشطة اليمنية من زعماء العالم، امتنع علي عبد الله صالح عن ذلك، ما أوحى للتلفزيون الحكومي بضرورة شنّ هجوم على كرمان، بما أن الرئيس غير راضٍ عنها. هكذا بدأ سيل الشتائم ينهال على الصحافية «المشاغبة». إلا أن ذلك بدا «مقبولاً» أمام المفاجأة التي خبّأتها الشاشة الرسمية لجمهورها: برنامج حواري تضمّن تقريراً مسجّلاً «يثبت أن كرمان ليست يمنية الأصل وأنها من منطقة في الجمهورية الإيرانية تُدعى قرمان»!
ويبدو أن القائمين على البرنامج الحواري اعتقدوا أنهم نجحوا في تحقيق سبق إعلامي من العيار الثقيل، لكن الردّ كان من قلب الاستوديو. رفض أحد الضيوف، وهو مناصر للنظام كل ما جاء في التقرير قائلاً: «حتى لو كنا نختلف مع توجهات كرمان، لا يجوز أن يصل الأمر إلى هذا المستوى المرفوض جملةً وتفصيلاً... لا يمكن التشكيك في يمنيّتها»، ما أحدث جلبة داخل الاستوديو، حتى بدا المقدّم حائراً، وخصوصاً أن البرنامج يبثّ مباشرةً على الهواء. وقبل هذه «الفضيحة» بيوم، أجرت القناة عملية مونتاج مشبوهة لجلسة مجلس الشورى في محاولة لتصوير والد كرمان (عضو في المجلس، ووزير سابق) كأنّه يهاجمها. بعدما كال أعضاء المجلس المنتمون إلى الحزب الحاكم الشتائم لكرمان الأب وابنته، صعد الرجل إلى المنصة الرئيسية وردّ مدافعاً عن ابنته. إلا أن التلفزيون الرسمي اختار منتجة الجلسة بطريقة «خبيثة». هكذا في وقت كان عبد السلام خالد كرمان يقول لأحد «الغاضبين»: «هل تقصد أن ابنتي غير مؤدّبة؟»، اختارت القناة الحكومية حذف أول ثلاث كلمات من المداخلة لتصبح «ابنتي غير مؤدبة».
رغم كل هذه التجاوزات الإعلامية، يبقى الأمر الأكثر إثارة للاستغراب والسخرية في آن واحد هو طريقة احتفاء القناة بالبيان الذي أصدره «حزب المؤتمر الشعبي» الحاكم بعد فوز كرمان بـ«نوبل السلام»؛ إذ تطرّق البيان في سطر واحد إلى إنجاز توكّل، ثمّ انتقل يضيء على «دور الرجل الذي كان سبباً في تحقيق هذه الإنجاز إلى جانب باقي إنجازات اليمن... رجل الوحدة، ورجل السلام، والمساند القوي لنضال المرأة حتى تنال كامل حقوقها الوطنية والإنسانية وصاحب المواقف الوطنية والقومية والإنسانية النبيلة فخامة الأخ الرئيس علي عبد الله صالح»! قرأ المذيع البيان، بنبرة فرحة أكّدت مجدداً أن «تلفزيون اليمن» لم يعد ملكاً لليمنيين.