ستيفان هيسيل
«الدافع الأوّل للمقاومة كان السخط. ندعو الأجيال الجديدة إلى إحياء مُثل المقاومة (...) تسلّموا المشعل، عبّروا عن سخطكم». صاحب هذا الكلام ولد في برلين (1917)، وانخرط في المقاومة الفرنسيّة، وذاق معسكرات الاعتقال النازيّة بين «بوخنفال» و«دورا»، وشارك في تحرير شرعة حقوق الإنسان (1948). استوحى فرنسوا تروفو فيلم «جول وجيم» من قصّة أمّه التي عشقت رجلين في آن معاً. إنّه الدبلوماسي الفرنسي ستيفان هيسيل، ضمير هذا الزمن النغل. مانيفستو الغضب الذي كتبه على شكل جردة حساب برسم المستقبل (دار انديجان، 2010)، بيع منه مليونا نسخة. وقد وصل الكتيّب أخيراً إلى الضاد بفضل «دار الجمل» (عرّبه صالح الأشمر بعنوان «اغضبوا!»). Indignez-vous العبارة التي يصعب إيجاد مرادف لها في لغتنا، ترجمها بعضهم بـ«عبّروا عن استنكاركم»، وقد يكون معادلها الأقرب «دعوة إلى السخط». الداندي العجوز صار نبيّ الثورات الآتية، من الربيع العربي (بغض النظر عن محاولات إجهاضه واحتوائه) إلى ساحات إسبانيا واليونان، وصولاً إلى وول ستريت، قدس أقداس الرأسماليّة، و951 مدينة لبّت أخيراً نداء «الساخطين» الإسبان. ستيفان هيسيل يعيد الاعتبار إلى «الالتزام» الفكري والأخلاقي في زمن تمجيد البراغماتيّة، مستوحياً برنامج المجلس الوطني للمقاومة الفرنسيّة قبل 67 عاماً. يدعو إلى رفض الاستبداد وخطر الأمركة والليبراليّة الوحشيّة وديكتاتوريّة السوق. إلى إنقاذ الديموقراطية المريضة. إلى التضامن مع المهمّشين وضحايا العنف الشرعي المنظّم. ومن المهاجرين في فرنسا إلى فلسطين، تقصر المسافة: اليهودي الناجي من المحرقة زار غزّة المحاصرة، ودعا قبل عامين إلى «وضع إسرائيل على قائمة الدول الاستبداديّة التي تنبغي مقاطعتها».