ست سنوات مرت على باكورتها «بنات الرياض» التي أطلقت شهرتها. الكاتبة السعودية الشابة رجاء عبد الله الصانع (1981) كانت الأسبوع الماضي في بيروت، حيث شاركت في لجنة التحكيم الدوليّة لمهرجان سينمائي. فرصة ثمينة للقاء صاحبة «بنات الرياض» الرواية التي أحدثت زلزالاً في الأدب السعودي. في روايتها المكتوبة على شكل رسائل إلكترونية، اختارت الراوية يوم الجمعة لتحكي قصص صديقاتها على الشبكة العنكبوتية. هذا اليوم بات يوم التغيير العربي. فكيف تنظر الكاتبة السعودية إلى «الربيع العربي»؟
لطالما كانت خطّة رجاء المستقبلية أن تكون كاتبة. نشأتها في عائلة أطباء، وخشيتها من أن يقف الأدب عقبةً في طريق لحاقها بإخوتها، لا تجعلانها نادمة على غيابها الطويل عن الساحة، بعد الضجة التي أثارتها باكورتها. سافرت إلى الولايات المتحدة، للابتعاد قليلاً عن ضجة «بنات الرياض»، ودرست طبّ الأسنان، ونشرت الأبحاث الطبية التي تراها كتابةً من نوع آخر. اليوم، ما زالت رجاء الصانع مضطرّة إلى الردّ على بعض الأسئلة في العيادة. أحياناً يطالعها مريض يثق بها كطبيبة، ويدينها ككاتبة: «أحد المرضى طلب مني أن أعلن التوبة عن «بنات الرياض»». تجد نفسها في مواجهة قراء لا يأخذون روايتها «كأدب وفنّ، بل كنقد شخصي للمجتمع». لهذا، ورغم شهرتها، لا تخفي تأففها من النجاح في العالم العربي... «حتى العائدات الماديّة غائبة، حقوقي كمؤلّفة أحصّلها من الترجمات، لا في لغتي الأم».
في روايتها التي قادتها أمام المحاكم السعودية بتهمة «الدعوة إلى الرذيلة»، تروي الصانع قصة شابة تحكي قصص صديقاتها عبر رسائل بريد إلكتروني. نقرأ عن قمرة المطلقة، وسديم التي يهجرها خطيبها بعد ليلة حميمة... بقيت الرواية ممنوعة فترة طويلة في السعودية، رغم ترجمتها إلى لغات عدة.
تردّ الكاتبة الشابة بابتسامة على التباس لفظي جعلنا نخاطبها سهواً باسم «رجاء عالم»، مواطنتها وزميلتها في حرفة الأدب. تلفت بأدب إلى أنّها تختلف عن صاحبة «خاتم» في الفئة العمرية والهوية الثقافية. «رجاء عالم مشغولة بالحس الحجازي، والتراث المكي، والأسطورة الشعبية، وأنا أكتب عن واقع المجتمع السعودي في السنوات الأخيرة»، كما ترفض إدراج تجربتها ضمن مسمّى الأدب النسائي، لأنّه «يرسّخ شرخاً نعانيه في السعودية خصوصاً». وترى الصانع أنّ «هناك أشياء كثيرة نضع عليها مسمى النسائي والذكوري»، مفضلةً إدراجها ضمن مسمّى «الأدب الإنساني المشترك» الذي يستهوي القارئ. أمّا عن تصنيف عملها ضمن «أدب الجرأة»، فلا تجد فيه إنصافاً لرواية حازت نقداً جيداً عربياً وعالمياً. لم يكن ذلك مقصدها الأوّل، تؤكّد الصانع، وتستبعد أن تكون تلك «الجرأة» محرّكاً لأعمالها المقبلة، فرهانها الحقيقي هو على الكتابة المختلفة.
بعد ست سنوات على «بنات الرياض» (دار الساقي، بيروت ـــــ ٢٠٠٥) التي صدر منها حتّى الآن سبع طبعات، تقول رجاء إنّها «تجاوزت هذه الحقبة»، التي لا يزال كثيرون يعيشون فيها. وترى أنّ صدور روايات كثيرة بعد روايتها من دون تحقيق الشهرة ذاتها، ناتج من كون تلك الأعمال، جاءت كأنها جزء ثانٍ من روايتها، كما تقول، ما جعلها تفقد عنصر المفاجأة. «لا مدرسة أو عباءة اسمها «بنات الرياض»» تقول.
لا تتنكّر الكاتبة للتجربة، بل تعتز بما حققته من نجاح وشهرة، وباهتمام النقد والإعلام، وحتى بحملات التجريح. وتؤكّد أنّ «سبب اختياري يوم الجمعة في بنات الرياض، هو نفسه الذي دفع الجماهير العربية إلى اختياره في ثورتهم على الأنظمة»، لكنّ رجاء لا ترى «يوم الجمعة» هذا على مقربة منها. «ليس هناك ما نثور عليه كما في الدول المجاورة». تتمنّى عودة الحقوق المشروعة إلى كلّ محروم، وترى أن السعوديّة «في طريقها الصحيح لإحداث تغييرات، أولها انضمام المرأة إلى مجلس الشورى والمجالس البلدية». في هذه الأثناء، تُعد الصانع رواية تصدر خلال السنة المقبلة، قد تعكس التغييرات التي تحدث حولها هذه الايام.