أفلام إيرانيّة مثيرة للجدل في «مهرجان بيروت الدولي للسينما». نادر داوودي (الصورة) وابراهيم السعيدي وهناء مخملباف وبابك أميني، هم رغماً عنهم «أبطال» الدورة الحاليّة من التظاهرة التي تشرف عليها كوليت نوفل. لن نرى أيّاً منهم في بيروت، ولا نعرف إن كنّا سنشاهد أفلامهم، بعد حملات التجريح التي طاولتهم في إيران، وقلق الأمن العام اللبناني، وتحفّظ ادارة المهرجان التي يهمّها الدفاع عن السينما، لا الاساءة إلى الجماعات والأفراد. منذ يوم السبت، تقوم السلطات في طهران بالتضييق على هؤلاء (باستثناء هناء التي تعيش في الخارج). وقد نشرت وكالة الأنباء الايرانيّة، تقريراً تناقلته الصحف بعنوان: «مهرجان لبناني يسوّق أفلاماً معادية للثورة». ما دفع الرقابة هنا إلى اعادة مشاهدة أعمال هؤلاء بعدما منحتها اجازة عرض.
فيلم نادر داوودي «الأحمر والأبيض والأخضر» الذي تدور احداثه خلال احتجاجات ٢٠٠٩، سحب من العرض بمبادرة كوليت نوفل لحماية صاحبه من المتاعب. استبدلت به فيلماً آخر للمخرج نفسه بعنوان «مربّع عارف»، عن سائق تاكسي يريد أن يلتقي نجم بوب ايراني اشتهر قبل الثورة. لكنّ داوودي منع فجأة من المجيء إلى لبنان. ثم اعتذر إبراهيم السعيدي مخرج Mandoo عن عدم الحضور، على أن تأتي ممثلته تيمة أميري. أما بابك أميني، صاحب «كنت أحب أن ينتظرني أحد في مكان ما»، فدقّ زوار الظلام بابه، وصادروا جوازه أيضاً. يبقى أن نعرف مصير «حياة كلب»، فيلم حنا مخملباف القصير، عن كلبة طرحت وعن صاحبتها التي تتكلّم على الهاتف.
قد يأخذ بعضهم على برنامج BIFF أنّه يتجاهل جزءاً أساسيّاً من السينما الإيرانيّة، اعتمد مبدعوه أساليب مركّبة تتفادى التصادم مع السلطة. لكن سينما المواجهة هي سمة المرحلة، إذا تذكّرنا أن جعفر بناهي في السجن، وبهمن قُبادي في المنفى بعد فيلمه «لا أحد يعرف عن القطط الفارسيّة». مهرجان بيروت يصرّ على برمجة لا تقدّم التنازلات الفنيّة والفكريّة، ولو كلّفه ذلك متاعب ومعارك وتضحيات لاحقة. ترى أي الأفلام الايرانيّة ستفلت من الحصار هذه السنة، وتصل إلى الجمهور اللبناني؟ بيروت توجّه على طريقتها تحيّة إلى الضيوف الغائبين. ليس بصفتهم «اعداء الثورة»، بل شركاء في صناعة المستقبل. بيروت ستبقى واحة حريّة، ومعقلاً للابتكار والنقد والاختلاف.

بيان «مهرجان بيروت الدولي للسينما».