بغداد | كيف يمكن أن نتلقّى خبر انطلاق «مهرجان السينما المتنقلة الثالث» في العراق؟ هل نفهم ذلك كإصرار على خلق طقس آخر للمشاهدة، ما دامت دور السينما غائبة عن بلاد الرافدين إلى أجل غير مسمى؟ أم أنّه محاولة جديدة لإشاعة حيوية أكبر في المشهد الثقافيّ والفنيّ؟ يمكن أن يكون المهرجان حاملاً لكلّ هذه الأهداف في آن واحد. المهرجان الذي تقيمه «منظّمة السينما المتنقلة» بالتعاون مع «دائرة العلاقات الثقافيّة» في وزارة الثقافة، انطلق الجمعة الماضي من مقاهي وساحات المناطق الشعبيّة في محافظة البصرة تحت شعار «بالحبّ والسلام ننبذ العنف».
رافق الافتتاح، معرض تشكيلي ضمّ لوحات لنخبة من التشكيليّين مثل طالب جبار، ونمير الكناني، وعبد سلمان، وصبري المالكي. بعد محطّته الأولى، توجّه المهرجان إلى محافظة الديوانية، ومنها إلى بابل لتقديم العروض السينمائيّة، ولفت أنظار الجمهور البعيد عن متابعة السينما، للإنتاجات الشبابيّة.
تجربة «السينما المتنقلة» ليست جديدة على العراق. شهدت خمسينيات القرن الماضي وستينياته محاولات مماثلة. كانت هناك سيارات خاصة تحمل شاشة العرض إلى الأحياء البعيدة عن دور العرض الرئيسيّة في العاصمة بغداد.
حينها، كان الهدف من تلك الشاشة الجوّالة، ربط الهامش بالمركز. أمّا اليوم، فالهدف محاولة لبعث الحياة في الفنّ السابع، بعدما راحت الصالات الشهيرة تختفي تدريجاً.
تتميز الدورة الثالثة من «مهرجان السينما المتنقلّة» بأنّها تحتفي بالفيلم الكردي؛ إذ عرض في البصرة ثلاثة أفلام هي «الحامل» لشيرزاد هدايت، و«خطوات الموت» لبيشرو نبرد، و«الشقوق» لأمير طه. على البرنامج أيضاً شريط «الرحيل» لحسين الرماحي، و«الوطن» لعبد الخالق جودت، و«طيور تحت أجحة الرحمة» لحميد الرماحي، و«الحلم» لطارق الرماحي. يختتم المهرجان الخميس المقبل بتكريم عدد من الفنّانين السينمائيّين العراقيّين في «قاعة المسرح الوطنيّ» في بغداد. مع العلم بأنّ الأفلام التي عرضت خلال أيامه السبعة، تشترك بتيمة واحدة، هي الدعوة إلى السلام ونبذ العنف، وهذا جلّ ما يحتاج إليه العراق الآن. يحسب للمهرجان تقديمه لتجارب جديدة شابة، لكن يؤخذ على المنظمين عدم توسيع دائرة المشاركة، وعرض أفلام لم يتح لكثيرين متابعتها، مثل فيلم «كرنتينا» لعدي رشيد.

«مهرجان السينما المتنقلة الثالث»: حتى 29 أيلول (سبتمبر) الحالي