الدوحة | حالما انتشر خبر استقالة وضّاح خنفر من قناة «الجزيرة»، بدأت الشائعات تتسرّب من داخل مقرّ الفضائية القطرية في الدوحة. وركّزت كل الأخبار على الموظّفين المحسوبين على المدير العام السابق، فتوقّع كثيرون صدور قرار إقالتهم أو استقالتهم قريباً. وأبرز هؤلاء مدير قناة «الجزيرة مباشر» أيمن جاب الله الذي نفى في حديث إلى «الأخبار» كل ما تردّد عن تقديم استقالته.
وحالما صدر خبر تعيين القطري عبد الله عيسى ماجد الغانم (خلفاً لعاصف حميدي) نائباً لجاب الله، تسرّبت أخبار تجزم بأن هذا الأخير استقال في اليوم نفسه الذي أعلن فيه وضّاح خنفر مغادرته المحطة. وأكّد بعضهم أنّ جاب الله انقطع عن الحضور إلى مقرّ القناة منذ إغلاق «الجزيرة مباشر مصر»، خصوصاً بعد تعرّضه لانتقادات من الإدارة بسبب عمل المحطة المصرية من دون ترخيص في القاهرة. واكتفى الإعلامي المصري بالقول تعليقاً على هذا الموضوع: «الذين روّجوا لهذا الخبر لم يلتزموا بأدنى المعايير الأخلاقية المهنية، وكان يمكنهم الحصول على الخبر من مصدره». وإن كان جاب الله رفض الخوض في أسباب انتشار هذه الشائعة، فإن مقرّبين منه قالوا لـ«الأخبار» إن حملة شرسة تستهدفه منذ فترة، وتقف خلفها وسائل إعلام سورية، متهمةً إياه بتجييش المشاهدين ضد النظام. كذلك فإن مسؤولين مصريين عبّروا عن غضبهم منه بسبب تغطية «الجزيرة مباشر مصر» لاقتحام السفارة الإسرائيلية في القاهرة.
وبعيداً عن جاب الله، تبدو الحركة طبيعية في كواليس «الجزيرة» الإخبارية، ويتواصل العمل طبيعياً لمواكبة الثورات العربية، والاستحقاق الفلسطيني. لكن هذا الهدوء المعتاد يخفي خلفه هواجس ومخاوف يتناقلها الزملاء في القناة، خصوصاً بين الموظفين المحسوبين على وضّاح خنفر. «الأكيد أن هناك مجزرة من الإقالات والتغييرات ستشهدها القناة في الأيام المقبلة»، يقول أحد الإعلاميين المخضرمين في الفضائية القطرية. وتضيف زميلته «دهشت لحركة الهدوء، لكن الكل يترقب، والبعض يقبض أنفاسه، خشية أن يطاله قرار يطيحه من منصب تقلّده مصادفةً، أو بحكم قرابته من المدير السابق».
ومن أبرز التغييرات التي يتداولها الموظفون في القناة، احتمال تعيين مصطفى سواق (مدير الأخبار الحالي) أو محمد داوود (مدير التخطيط) في منصب المدير العام للقناة الإخبارية. وتأتي هذه الخطوة بعد إحالة مدير التحرير حسان الشويكي على الإشراف على «الجزيرة البلقان». في هذا الإطار يتردّد أن ابتعاد الشويكي عن مكاتب الدوحة جاء بسبب استيائه من تغطية القناة للأحداث في سوريا. ويقول البعض داخل المحطة إن الشويكي، وفور عودته من البوسنة، سيتسلّم منصب مدير البرامج خلفاً لعارف حجاوي.
ولا تتوقف بورصة الشائعات عند هذا الحد، إذ يتداول البعض أن القناة قررت أن تحيل في الفترة المقبلة بعض المذيعين والصحافيين على التقاعد، وضخّ دماء جديدة في مقر المحطة في الدوحة، فيما بات مؤكداً، استناداً إلى مصادر موثوقة، أن وضّاح خنفر سيستقر في الدوحة، ويرجّح أن يفتح معهداً للدراسات والبحوث، أو هيئة للدفاع عن الصحافيين. ويبدو الخيار الثاني مستبعداً في ظل وجود «مركز الدوحة لحرية الإعلام» الذي يديره حالياً مسؤول هولندي تحت إشراف حمد بن ثامر آل ثاني، رئيس مجلس إدارة شبكة «الجزيرة».
من جهة أخرى، عقدت الشبكة أول اجتماع لها برئاسة المدير العام الجديد أحمد بن جاسم آل ثاني، بحضور وضّاح خنفر ومديري قنوات العربية والإنكليزية والتركية والبلقان والمباشر.
وكانت «الجزيرة» قد أصدرت بياناً أول من أمس كشفت فيه خططها التوسعية، في ظل تحويلها إلى «مؤسسة خاصة ذات نفع عام»، مشيرة إلى أنها تستعد «للدخول بفاعلية كلاعب رئيسي على الصعيد الدولي». وستكون الشبكة، بحسب النظام الأساسي الجديد، «مؤسسة خاصة ذات نفع عام لها شخصية معنوية وذمة مالية مستقلة وتتمتع بالأهلية الكاملة للتصرف». وأضاف البيان أن «إدارة الشبكة تتطلع إلى دخول مرحلة جديدة، وخصوصاً أنها بصدد التحول إلى خدمة تلفزيونية وإلكترونية دولية متعددة اللغات (...) ومن المنتظر خلال الأشهر المقبلة إطلاق قناتي تركيا والبلقان».
وقال مصدر قانوني في الشبكة لوكالة «فرانس برس» إن «الجزيرة» «لن تكون شركة بالمعنى التجاري، فلن يكون لها مالك ولن تطرح أسهمها في البورصة مثلاً». وأضاف «سوف تقترب في طبيعتها القانونية من الجمعيات الخيرية، متطابقة في الصفة مع مؤسسة «بي. بي. سي.» البريطانية». ومن المتوقع بدء العمل بالصفة القانونية الجديدة «عندما يُشهر النظام الأساسي الجديد في الجريدة الرسمية الشهر المقبل».



عائدون إلى مصر

نفى أيمن جاب الله الرواية التي روّجت لها السلطات المصرية لإقفال مكتب «الجزيرة مباشر مصر». وقال إن السلطات هي «التي طلبت منّا أن نتابع عملنا إلى حين إصدار الترخيص». ويضيف: «إثر تلك الوعود، تابعنا تغطيتنا، وكانت وزارة الإعلام تؤجّل النظر في طلبنا إلى أن صدر قرار بإقفال المكتب». إلا أنه يعود ويقول إن اتصالات قائمة حالياً مع السلطات المصرية لإعادة فتح مكتب الفضائية القطرية. وكان وزير الإعلام المصري أسامة هيكل قد قال إن سكان المبنى الذي تبثّ منه «الجزيرة مباشر مصر» انزعجوا من الضجيج الذي تحدثه، ليتبيّن لاحقاً أن المبنى خالٍ من السكّان، وأن قناة «بي. بي. سي.» تبثّ أيضاً من هناك.