قد لا يعني الكلام عن المسرح الكثير لأبناء القرى. وقد لا يعني الكلام عن الطبيعة شيئاً لأبناء المدن. من قد يعنيه إذاً الكلام عن مسرح في الرّيف؟ هذا الخيار/ المغامرة ارتضاه الفنان سامي حوّاط بعيداً عن المدينة، إذ يفتتح مساء السبت «مسرح سامي حوّاط الريفيّ» بعد سنتيْن من الجهد الفردي في بنائه. غاب سامي حوّاط قسرياً عن مسقط رأسه، مستسلماً لمصير فرضته الحرب، معطوف على الخيارات الفكرية اليسارية. عاد منذ مدّة إلى زبدين (قضاء جبيل) التي تبعد حوالى 45 كيلومتراً عن بيروت.
لم يغيّر سامي قناعاته الفكرية، ولم يتغيّر اليمين. غير أنّ مساحة اللقاء باتت ممكنة اليوم، مع غياب السلطة العسكرية غير القابلة للآخر، التي كان يفرضها اليمين في زمن الحرب. أو ربما، تغيّرت المدينة، فدفعته إلى البحث عمّا لا يتغيّر، أي الطبيعة. بنى والد سامي كوخاً صغيراً في الثمانينيات. رحل قبل سنوات قليلة، تاركاً هذا الكوخ وأرضاً صغيرة محيطة به لابنه. هنا يعيش الأخير منذ سنتيْن، وينام في غرفة تزيِّن أحد جدرانها صورة للساحة الحمراء، وتحتل قسماً منها آلات العود والكاسيتات والأسطوانات والكتب. المسكن لا تتعدّى مساحته الإجمالية مساحة غرفة واحدة في منزل عادي. تحضنه من جانب شجرة سمّاق، ومن الجانب الآخر عريشة تؤمِّن فيء «السطَيْحة». أما المحيط القريب، فطبيعة عذراء.
مقابل الكوخ، مسرحٌ بناه سامي حوّاط. يفصل بينهما ما كان جلّاً مزروعاً وأصبح ما يرادف الصالة. في خلفية المسرح، يعلو جدار من الحجر الصخري المقصَّب يدوياً. «أعرف كل حجر في هذا المسرح. أعرف متى وكيف وُضِع. ساعدني على البناء عمّالٌ أكراد، لكنني كنت أستمر في العمل ليلاً على ضوء القمر»، يقول حوّاط. عمل فنان الشعب بهدوء على مشروع فنيّ، في قرية هادئة لا يعكّر صمتها اليوم سوى زقزقة طيور الوروار المبشّرة بالخريف. أنجز القليل، وفي باله الكثير. المسرح الذي سيحتضن العروض المسرحية والموسيقية وعرض الأفلام وغيرها من الأنشطة الفنية والثقافية، ليس سوى النواة التي ينوي حوّاط استكمالها بمسرح للأطفال، ومحترف لصناعة الأعواد وغير ذلك من الأحلام.
هذا السبت إذاً، يدعو حوّاط أهل القرية وأصدقاءه إلى لقاء فنيّ موسيقيّ عفويّ كي يتعرّفوا إلى المكان، ويقدموا ما لديهم في هذه الليلة أو لاحقاً. وسيشارك صاحب الصوت الجميل مع فرقته غناءً، كما سيمارس هوايته القديمة، تلك التي مارسها عقوداً في المدينة، أي اللقاء مع الناس. فما لم يعد يطيقه ليس هؤلاء، بل بيئتهم.



7:00 من مساء السبت 24 أيلول (سبتمبر) الحالي ـــــ «مسرح سامي حواط الريفي» (زبدين ـــــ جبيل).
للاستعلام: 888763/03 ـــــ 723346/70