الدوحة | استقال وضّاح خنفر (1968) أم أقيل؟ سؤال خيّم أمس على غرفة أخبار «الجزيرة» في الدوحة بعدما خرج المدير العام الذي بات في حكم السابق، ليودّع زملاءه في غرفة الأخبار. وقبل ذلك، ودّع خنفر معجبيه وأصدقاءه عبر رسالة على تويتر، وأتبعها بأخرى إلى موظّفي القناة الإخبارية بعثها عبر البريد الإلكتروني الداخلي (نص الرسالة في الصفحة المقابلة). مصادر في القناة قالت لـ«الأخبار» إنّ خنفر دخل بهو القناة الإخبارية في حدود الثالثة بعد العصر، ليفاجئ موظفيه بخبر استقالته. ويروي أحد الإعلاميين أنّ وضاح قال لهم «جئت لأودّعكم، وأبلغكم أنني قررت الاستقالة من منصبي. اتخذت هذا القرار منذ ثلاثة أشهر، لكني ارتأيت الانتظار حتى الأول من أيلول (سبتمبر) لأكون قد أمضيت ثماني سنوات كاملة».
وأضاف: «أنا مرتاح البال، فلا يمكن أن تدعو «الجزيرة» المسؤولين والحكام إلى تداول السلطة، ولا نعمل نحن بذلك».
وفي ما يشبه رسالة استباقية لنفي أي إرادة عليا دفعته إلى التنحّي، خصوصاً أنّ ذلك جاء بعد أيام فقط على تسريب «ويكيليكس» برقية سرّية تفضح العلاقة بين خنفر ووكالة الاستخبارات العسكرية الأميركية («الأخبار»، ١٠ أيلول/ سبتمبر ٢٠١١)، قال لموظفيه: «كان يمكن أن أتنحّى خلال الثورة المصرية مثلاً، حين كانت «الجزيرة» في أوج عطائها، ولدينا سجل حافل من الإنجازات، لكنّي كما قلت فضّلت التريّث. وقد حصل إجماع على تعيين السيد أحمد بن جاسم بن محمد آل ثاني مديراً عاماً للقناة (راجع الإطار في الصفحة المقابلة)، وتطلّب الأمر إمهاله فترة لترتيب أموره الإدارية. واليوم، تسلّم منصبه رسمياً، وجئت لأودّعكم بنفسي».
وجدّد الإعلامي الفلسطيني تأكيده أنّه استقال ولم تجر إقالته، حين أشار صراحة في رسالته للموظفين إلى أنّه «كنت قد تحدثت مع رئيس مجلس الإدارة منذ زمن عن رغبتي في أن أعتزل الإدارة عند انتهاء السنوات الثماني، وقد تفهّم مشكوراً رغبتي».
وطوال ربع الساعة الذي استغرقه الحديث إلى الموظفين، لم يكشف وضّاح صراحة عن وجهته المستقبلية، مكتفياً بالقول: «سأجد الآن وقتاً أكبر للمضي في بعض المشاريع الخاصة، أوّلها الكتابة. أفكّر في كتاب خاص عن تجربتي في «الجزيرة» صحافياً، ومراسلاً، ومديراً عاماً للقناة طيلة ثماني سنوات». ولئن أكّد وضاح مراراً أنّه استقال بنفسه من القناة، فإن مصادر موثوقة جزمت لـ«الأخبار» بأنّ «وضاح خنفر لم يتنحَّ بمحض إرادته، بل أبلغ منذ فترة أنّ مهمته في القناة انتهت، وطلب منه أن يبقى في منصبه حتى إيجاد بديل له». وتشير المصادر ذاتها إلى أنّ الرجل «لم يعد يحظى بثقة القيادة القطرية منذ فترة طويلة»، لأسباب لم توضحها. إلا أنّ مصادر أخرى تنفي ذلك، بل تذهب إلى الترجيح أنّ خنفر قد يتولّى منصباً في إحدى المؤسسات الحكومية في قطر، مثل منصب مستشار. وعن تداعيات إقالة خنفر أو استقالته على السياسة التحريرية للقناة، استبعد أحد الإعلاميين في المحطة أن تغيّر القناة خطها التحريري، قائلاً «ما حدث هو تنحية المدير العام للقناة فقط، بينما لا يزال مجلس الإدارة على تركيبته الحالية، وأنتم تدركون أن السياسة التحريرية للقناة لا يرسمها المدير العام بمفرده».واستطلعت «الأخبار» الأجواء السائدة داخل غرفة الأخبار بعد إعلان القرار. قال أحد الإعلاميين: «من الطبيعي أنّ القرار فاجأنا جميعاً، رغم أن شائعة رحيل خنفر كانت تدور في الكواليس خلال الأشهر الأخيرة بقوة». وأضاف: «لم أسمع في الكواليس تشفّياً أو فرحة على رحيل خنفر، بل كانت التساؤلات تنصبّ أكثر على مستقبل القناة بعده، خصوصاً أنّ المدير العام الجديد ليست لديه خلفية إعلامية». كذلك استبعد موظف آخر أنّ تعدّل«الجزيرة» خطها التحريري، أقلّه في ما يخصّ التغطية الإخبارية للثورات الشعبية، لأنّه «لو كان هناك امتعاض من السياسة التحريرية للقناة، لتغيّرت حينها فوراً». وعمّا إذا كانت لرحيل خنفر علاقة بالتسريبات الأخيرة لـ«ويكيليكس» قال أحد الإعلاميين القدامى في «الجزيرة» من المحسوبين على خصوم وضاح: «يصعب تأكيد الأمر. التقرير يتحدث عن فضيحة حدثت قبل سنوات، بينما رحيل وضاح خنفر، سواء بالإقالة أو الاستقالة، يعود إلى أشهر فقط».
ومهما كان الأمر، فالأكيد أنّ رحيل خنفر قد يثير زوبعة في بعض المناصب الحساسة داخل القناة، إذ يأخذ عليه خصومه أنه أحاط نفسه بمجموعة من المستشارين الموالين له، وأقصى بعض الإعلاميين البارزين، إذ كان وراء استقالة نجوم بارزين، أبرزهم سامي حداد! كما شهد عهد وضاح رحيل وجوه لم تتفق مع السياسة التحريرة للقناة، بدءاً من حسين عبد الغني، وحافظ الميرازي، ويسري فودة، وصولاً إلى غسان بن جدو، وسامي كليب. ولا يمكن طيّ صفحة وضاح من دون الحديث عن الاتهامات التي كانت توجّه إليه بدعم التيار الإخواني، سواء لناحية التغطية التحريرية للقناة، أو من خلال القيادات التي كانت تحيط به مثل بشير نافع وأحمد منصور وغيرهما...