عكّا | ولدت فاليري جوف عام 1964 في سان إتيان (فرنسا)، وكانت مقرّبة من الجالية العربية في المدينة منذ طفولتها. «كنت أشعر بأني حرّة أكثر مع العائلات العربية، مقارنة بنمط الحياة الفرنسية». في سان إتيان، وأثناء دراستها، التقت الفنان الفلسطيني المولود في فرنسا جمال طاطاح (1959)، لتنشأ بينهما صداقة طويلة، ويشقان طريقهما معاً في ميدان الفنون المعاصرة في فرنسا. وقد أثمرت شراكتهما معارض فنية مشتركة، منذ ثماني سنوات، هي حواريات بين صور جوف ولوحات طاطاح وأعماله المختلفة...
واليوم، يستكمل الثنائي تجربته الخاصة في رام الله هذه المرة. بعدما عرضا أعمالهما في القدس خلال تموز (يوليو) الماضي، يعودان بمعرض مشترك جديد، يحكي رؤية كل واحد منهما لفلسطين، في استكمال لحوارهما عشية الإعلان المرتقب لدولة فلسطين. افتتح المعرض أخيراً في «مركز خليل السكاكيني» في رام الله، بالتعاون مع «المركز الثقافي الفرنسي»، ويستمرّ حتى 28 (أيلول) سبتمبر الحالي. ويضمُّ 7 صور لفاليري و11 صورة/ لوحة لجمال.
الصور التي التقطتها جوف ما بين عامي 2009 و2010 في مدينتي القدس ونابلس، تنقل «إحساسها الأول تجاه فلسطين»، كما تقول لـ «الأخبار». كانت الفنّانة قد جاءت إلى القدس المحتلة عام 2008، وأقامت في منطقة وادي الجوز. هناك تعرفت إلى أهالي الحيّ وأصدقاء مقدسيين، استطاعت من خلالهم أن تلمس معاناتهم وحياتهم والوجه الحقيقي (المطموس) للمدينة.
أرادت من خلال الصور التي التقطتها ــــ وهي صور واقعية توثيقية وممسرحة ـــ أن تنقل صورة شبة حيّة عن فلسطين إلى أوروبا، وإلى كلّ من لم يزر فلسطين بعد... بعد عودتها إلى باريس، عرضت صورها في «مركز جورج بومبيدو». حصد المعرض نجاحاً باهراً، إذ تتذكر جوف كيف انهالت عليها الرسائل الإلكترونية من زوّار عبّروا عن رغبتهم في زيارة فلسطين، بعدما رأوا صورها.
أما لوحات جمال طاطاح، فتمثّل شخصيات فلسطينية مجهولة، التقطها في حيز هندسي، جرى فيه تحييد الجوانب الأكثر طواعية، من خلال الرقمنة، وإعادة التشكيل، والتجزئة، والإسقاط الرقمي على قماش. يعيد الفنان استثمار تلك الشخصيات المجردة، ويأخذها من شكلها المادي إلى حالة من الوجود الحيوي المعلّق. كأن وجوه الشخصيات المنقولة بطريقة طاطاح تحاور صور جوف التي نقلت الواقع الفلسطيني الحاضر، بشخوصه وأماكنه. درست فاليري جوف الانتروبولوجيا، وأنجزت أوّل معرض صور منفرد في مسيرتها، خلال الثمانينيات. تعاملت المصوّرة دائماً مع البعد الإنساني والحضاري للمدن. وقد حملت هذا الهاجس معها إلى القدس المحتلة. أرادت أن تنقل المدينة كما هي، برغم الطابع الممسرح في الصور. حملها إلى ذلك شعورها بالمسؤولية تجاهها، وخوفها من أن ينسى الأوروبيون اسم «فلسطين»، لصالح «الضفة الغربية»، أو تسميات أخرى مماثلة «تتحايل على الصراع بإنكار وتزوير كبيرين»، حسب تعبيرها. «إذا حدث وجاء اليوم الذي يُمحى فيه اسم هذه الأرض، فعلينا عندها الاعتراف بمساهمتنا جميعاً في هذه العملية، وذلك بنسياننا اسمها وقبولنا «التفسيرات الدولية» المرتبة بوضوح».
بعد معرض رام الله، ترغب جوف في أن تعرض أعمالها في القدس، ونابلس، وغزة، وبيت لحم والخليل. «إنه لمن دواعي سروري عرض هذه الأعمال على الفلسطينيين، لأنني على يقين من أنّهم سيلتقطون الأعمال على نحو حقيقي وعميق».



«معرض فاليري جوف وجمال طاطاح»: حتى 28 أيلول (سبتمبر) المقبل ـــ «مركز خليل السكاكيني» (رام الله ــ فلسطين المحتلة)