رغم اهتمام العديد من الفلاسفة والأدباء الألمان بكنوز الأدب العربي والتراث الإسلامي تاريخياً، بقيت محاولات تعريف القراء والمهتمين بالأدب من الجانبين بأعمال الآخر خجولة. مع صدور ترجمة ألمانية لديوان الشاعر اللبناني نعيم تلحوق «يغنّي بوحاً» يمكن الحديث عن محاولة جديدة لتعزيز حركة التبادل الثقافي بين الألمان والعرب. هذه الترجمة التي صدرت عن دار «شاكر ميديا» في مدينة آخن الألمانية، بعنوان Gesang und Enthuellung تمثّل بداية لسلسلة أعمال منوي ترجمتها من العربية إلى الألمانية، بإشراف كل من «معهد الدراسات الشرقية والآسيوية» في «جامعة بون» و«الصالون الشعري العربي الألماني».سرجون كرم، أستاذ اللغة العربية والأدب في المعهد، انتقى ديوان تلحوق بالتعاون مع أحد طلابه الألمان، جويل هولند.

إذ جرى توزيع قصائد لـ 20 شاعراً عربياً على الطلاب الألمان الذين يدرسون الأدب العربي في الجامعة، واختيرت مجموعة الشاعر تلحوق للترجمة، ليصير ديوانه «أول عمل لبناني يترجم كمجموعة شعرية كاملة ـــــ لا كقصائد متفرقة ـــــ إلى الألمانية» بحسب كرم.
ويحتوي ديوان «يغنّي بوحاً» الصادر عام 2005 عن «اتحاد الكتّاب اللبنانيين»، على لوحتين، الأولى بعنوان «اختزان لذاكرة التراب»، وفيها علم الزمن، والأرض، والمرأة، والجنون، والتعب، والرغبات، ورحيل الشاعر. واللوحة الثانية بعنوان «أوراق مكشوفة السمعة»، وتحتوي على تجليات ذاتية، وأفكار للشاعر حول العمر، والطفل، والوطن، والنوم، والغناء بوحاً، وكرامة الفصول، وتجارب الحقب.
أما كرم الذي قصد ألمانيا منذ 12 عاماً لإنجاز أطروحة الدكتوراه في الأدب العربي، فقد سبق له أن ترجم «تراجيديا المنصور» للشاعر الألماني هاينرش هاينه، ونشره بالعربية والألمانية. كما ترجم قصائد للشاعر الإماراتي عبد العزيز جاسم إلى الألمانية وبعض القصائد للشاعرة المصرية فاطمة ناعوت، لإلقائها في مهرجان برلين الشعري.
وعن أسباب اختياره لديوان تلحوق، يقول كرم الذي حاز أيضاً دبلوماً في الأدب الألماني: «قررنا أن نخرج من الأسماء المُستهلكة ونبيّن أن هناك شعراء من ذوي الوزن والقيمة. نعيم تلحوق يملك تجربة الصورة الشعريّة، وإيروتيك التصوف، والمعاناة الداخلية التي تظهر في قصائده».
بدعوة من «الصالون الشعري العربي الألماني» وقسم اللغة العربية في «جامعة بون»، سيطلَق مهرجان للشعر العربي في المدينة نهاية العام الجاري. والمهرجان هو الخامس في سياق سلسلة مهرجانات انطلقت عام 2005 في ميونخ. وقد لقي الديوان صدىً لدى هيئات ثقافية وأدبية ألمانية، بادرت إلى تنظيم أمسيات لقرءاة قصائد الديوان بالألمانية. وسوف يدعى تلحوق إلى ألمانيا للمشاركة في بعض القراءات باللغة العربية في كل من برلين وبون وفرانكفورت.
يعي سرجون كرم أهمية تعزيز نشاط الصالون الشعري كملتقى بين الشعراء الألمان والعرب وكرافد لعملية التبادل بين ثقافتين وحضارتين. لن تتوقف طموحاته عند ترجمة ديوان واحد فقط. ها هو يصبو حالياً إلى ترجمة بعض أعمال الشاعرات الخليجيات، لأن «المرأة العربية ليست موؤودة بل هي مبدعة، هذا ما يحتاج الغربيون إلى معرفته»، يقول كرم.