دمشق | لم يأخذ الطب النفسي مجالاً واسعاً في سوريا ولم يحصد المحللون النفسيون أي شهرة. بل بقيت محاولاتهم لتكريس مفهوم التحليل والعلاج النفسي في سوريا مجرد محاولات فردية، غالباً ما كانت تبوء بالفشل، وخصوصاً أنها لا تجد أي دعم مؤسساتي. هكذا، لم يسمع السوريون جيداً باسم المحللة النفسية رفاه ناشد (66 عاماً) إلا يوم السبت حين انتشر خبر اعتقالها في مطار دمشق، حيث كانت تستعدّ لركوب الطائرة متوجهة إلى باريس.
وقد بادر زوجها أستاذ التاريخ القديم في جامعة دمشق فيصل محمد العبد الله إلى توجيه رسالة إلى الوسائل الإعلامية والجهات الحقوقية، قال فيها: «أودّ أن أعلن أنه بينما كانت زوجتي المحللة النفسية رفاه توفيق ناشد، قد وصلت إلى نقطة تفتيش الحقائب في مطار دمشق الدولي بنية السفر إلى باريس لأسباب عائلية وصحية، اتصلت بي وقالت: إنهم يفتشونني بعصبيّة، ولديهم قائمة. أخذ جواز سفري وذهب».
وأضاف العبد الله إنه توجّه مباشرة إلى المطار، وسأل كل الجهات والحواجز الأمنية، حتى انقضى يوم بكامله في البحث بين مكاتب الأمن والخدمات ومكتب شركة الطيران الفرنسية، من دون أن يتمكّن من الاطمئنان إلى مصير زوجته. وختم رسالته «أيقنت أن زوجتي الدكتورة رفاه ناشد قد اعتقلها، على حاجز تفتيش الحقائب في قسم المغادرة في مطار دمشق، عناصر من الاستخبارات الجوية». وتابع «سأبدأ بإجراءات قانونية في وزارة العدل للحصول على جواب من السلطات عن مصير زوجتي».
وفور انتشار خبر اعتقال رفاه ناشد، أنشئت صفحة خاصة على فايسبوك تطالب بالحرية للمحللة النفسية، وتدعو مرتادي الموقع الأزرق للانضمام إلى الصفحة، حتى يصل العدد إلى عشرة آلاف مشترك. هكذا تنضم المحلّلة السوريّة إلى الإعلاميين عامر مطر وعمر الأسعد اللذين اعتقلا للمرة الثانية، والسينمائي الشاب شادي أبو فخر، والناشط الشاب محمد القضماني وكثيرين غيرهم، لا يزال مصيرهم مجهولاً.
من جهة ثانية، خيّم الحزن على مدينة داريا في ريف دمشق، بعدما سلمت قوات الأمن السورية جثمان الناشط الشاب غياث مطر إلى ذويه بعد وفاته تحت التعذيب، وفق ما قالت تنسيقات الثورة السورية. وكان الناشط السوري (26 عاماً) قد اعتُقل في السادس من أيلول (سبتمبر) وتوفي في
الاعتقال.
ونقلت منظمة «هيومن رايتس ووتش» عن ناشطين قولهم إنّ الجثة كانت تحمل آثار تعذيب، وجروحاً في الصدر والوجه، مؤكدين أنّه «تعرض للتعذيب حتى الموت خلال اعتقاله».