في «خارجون على القانون»، وضع رشيد بوشارب اليد على جرح غائر في الذاكرة الجمعية الفرنسية، يتعلق بالمسكوت عنه من جرائم الحرب الفرنسية في المستعمرات السابقة. بدأ الجدل حول الفيلم بتسريب تقرير سرّي لـ«لجنة التأريخ» في وزارة الدفاع الفرنسية، يحذّر من أن الشريط يتضمن «تزويراً للتاريخ»! هكذا، تلقّف اليمين المتطرف الفرنسي القضية، وصعّد الحملة على بوشارب. وإذا بالنائب ليونيل لوكا المنتمي إلى الأغلبية الساركوزية يرفع عريضة مستعجلة إلى البرلمان الفرنسي تطالب بمنع عرض الفيلم في «مهرجان كان»! بعدها، طلب الرئيس نيكولا ساركوزي من منتج الفيلم تنظيم عرض في قصر الرئاسة قبل إجازة عرضه على الكروازيت! لكن منتج «خارجون على القانون» جان بريا رفض الطلب الرئاسي: «من أراد مشاهدة الفيلم، فعليه أن يأتي إلى «كان»!».وغداة عرض الفيلم على الكروازيت، احتشدت أمام قصر المهرجانات تظاهرة لقدامى المحاربين الفرنسيين، لمحاولة منعه («الأخبار» 24 أيار/ مايو 2010). لكن الانتقادات تراجعت عندما اكتشف من شاهدوه أن قصته ليست «بروباغندا تحريفية تحاول تزوير التاريخ»، بل قصة إنسانية عن 3 أشقاء جزائريين تمزقهم الحرب: أحدهم ينخرط في «جبهة التحرير»، والثاني يقرّر اعتزال السلاح بعد تسريحه من الجيش الفرنسي، فيما يدير الثالث ملهى ليلياً.
وكان لافتاً أن الروح النقدية التي حملها الفيلم، لم تكن موجّهة ضد فرنسا باستثناء 4 دقائق في بداية الفيلم تصوّر «مجازر سطيف» الشهيرة التي أودت بـ45 ألفاً من المدنيين الجزائريين في أيار (مايو) 1945. في المقابل، اتسم الفيلم بنظرة نقدية تجاه منهج «جبهة التحرير» الجزائرية المتشدد ضد المدنيين الجزائريين أثناء حرب التحرير، والتصفيات الدموية التي نفذها «قادة الثورة» ضد بقية فصائل الحركة الوطنية الجزائرية.
مع ذلك، لم يفوّت اليمين الفرنسي الفرصة لإعادة إشعال فتيل «الفتنة» مع بدء العروض التجارية للفيلم في تشرين الأول (أكتوبر) 2010. عادت الحملة ووصلت إلى حد تعطيل عروض الفيلم من التنظيمات اليمينية المتطرفة في مرسيليا. وكان لافتاً أن المقالات التي تناولت الفيلم، حتى في أعرق وسائل الإعلام الفرنسية، لم تهتم بقيمته الفنية، بل تناولته بوصفه عملاً يسعى إلى «تحريف التاريخ» و«معاداة فرنسا»، ما أدى إلى فشله تجارياً.
وقد تركت تلك الحملة آثارها لدى صاحب «شرف عائلتي»، وأسهمت في قراره العزوف عن استكمال هذه الثلاثية، واختيار «المنفى الأميركي». لكنه ينفي أن يكون قد اتخذ قراراً نهائياً بعدم استكمال الثلاثية الفرنسية، ولا يستبعد «العودة إليها لاحقاً» بعد ثلاثيته الأميركية...