سقط نظام معمّر القذافي، وسقطت معه المنظومة الإعلامية التي رافقت حكم العقيد. هكذا اختفت عن الشاشة وجوه اعتادها الليبيون مثل هالة المصراتي (راجع المقال أدناه) ويوسف شاكير. لكن الواقع الجديد لا يعني بالضرورة أن الإعلام الليبي بات حراً، ومعافى من كل ترسّبات عهد القذافي. إذ خرجت أخبار تؤكّد أن صراعات عميقة نشبت بين عدد من الوجوه الليبية لتصدّر المشهد الإعلامي في مرحلة ما بعد الثورة. وتقول بعض المصادر من داخل طرابلس لـ«الأخبار» إنّ خلافاً حادّاً نشب بين الثوّار على حق استخدام المباني التلفزيونية في العاصمة الليبية. وقد أدّى ذلك إلى تعطيل ربط بث «التلفزيون الليبي» بقناة «ليبيا الأحرار» المعارضة التي تبث من الدوحة. وكان المكتب التنفيذي التابع للمجلس الوطني الانتقالي أصدر أخيراً قراراً أعلن فيه أن كل المؤسسات الإعلامية الحكومية باتت تحت إشرافه، على أن «توضع المؤسسات الإعلامية ذات الطابع المحلي تحت إشراف المجالس المحلية».أما الوضع في قناة «ليبيا الأحرار» فلا يبدو أفضل؛ إذ إنّ العاملين في المحطة التي يديرها المسؤول عن ملف الإعلام في المجلس الوطني الانتقالي محمود شمام، قرّروا الإضراب احتجاجاً على ما وصفوه بـ«تكبيل كلمتهم»، و«الاضطهاد الإداري المُمارَس في حقهم، وخصوصاً من إحدى المديرات في القناة، وهي هدى السراري». ورفع هؤلاء شكواهم إلى القيادي في المجلس الانتقالي محمود جبريل الذي وعدهم بتسوية أوضاعهم. لكن يبدو أن الأمور لم تحلّ، إذ قدّم أخيراً عشرة عاملين في المحطة استقالتهم، ما دفع شمام إلى التأكيد بأنّه سيحقق في هذه الأزمة.
وكان الإعلامي المعارض فرج أبو عشة الذي عمل في القناة لأيام قبل مغادرتها، قد اتهم بعض المحسوبين على محمود شمام بالتآمر عليه لإفشال برنامجه، ووصف الفئة التي تدير المحطة بـ«الشلّة الشريرة التي لا علاقة لها بثورة السابع عشر من فبراير»، محذّراً من السيطرة على الإعلام في طرابلس بالطريقة نفسها.
وفي السياق نفسه، دعا الإعلامي الليبي سليمان دوغة إلى تأسيس «الجمعية الوطنية للصحافيين والإعلاميين الليبيين» كسلطة إعلامية مستقلة تُعهد إليها مهمة وضع قانون للصحافة والإعلام وإعداد ميثاق شرف مهني للصحافيين. وأضاف دوغة: «معلوم أن قناة «ليبيا الأحرار» محطة خاصة تتبع السيد محمود شمام... لذلك ليس مقبولاً أن تستولي أي قناة خاصة على مباني الشعب وأملاكه. منطق السيطرة منطقٌ قذافيٌّ بامتياز».
وقد تعرّض محمود شمام لسيل من الانتقادات. إذ رأى بعضهم أن تسلمه منصبَين، أحدهما سياسي، والآخر إعلامي، لا يشبه روح الثورة، بل أقرب إلى النظام الذي كان سائداً قبل سقوط القذافي». لكن في حديثه مع «الأخبار»، قلّل الإعلامي طارق القزيري ـــــ أحد مؤسسي المحطة ـــــ من حجم المشاكل التي تعانيها القناة، قائلاً إن «انتقالها إلى ليبيا سيجعل أداءها يتغيّر».