الرباط | يلقّبونها في المغرب بالمخرجة المتمرّدة، بسبب ملامستها المناطق المحرّمة والتابوهات في أفلامها، لكنّ بعضهم يشبّهها بنظيرتها المصرية إيناس الدغيدي للإشارة إلى افتقار أفلامها إلى العمق لمصلحة الجانب الفضائحي. أما هي، نرجس النجار، فترفض لعبة المقارنات، وتكتفي بالقول إنّها مخرجة ترفض كل أنواع القيود التي تحدّ من الحرية. ما يأخذها حكماً إلى النبش في المحظورات التي تحيط بقضايا المرأة المغربيّة.هكذا تواصل المخرجة المغربية نرجس النجار (1971) إثارة الجدل، ومراكمة النجاحات. بعد «انهض يا مغرب»، و«العيون الجافة» (راجع المقالة أعلاه)، تعود في الفيلم الجديد إلى تيمتها الأثيرة، أي واقع المرأة المغربية. شريطها «عاشقة الريف» مقتبس عن رواية والدتها الكاتبة المغربية الفرنكوفونية نفيسة السباعي «نساء في صمت»، ما يجعله عملاً عائلياً بامتياز.
الفيلم الذي يُتوقّع أن يثير جدلاً واسعاً لدى عرضه قريباً في الصالات المغربية، صُوِّر بين مدينتي الدار البيضاء وشفشاون. ويدور حول شخصيّة آية، الفتاة العشرينية التي تنحدر من مدينة شفشاون في منطقة الريف. يغوص العمل في معاناتها اليومية لتحصيل المال، في منطقة جبلية معروفة بزراعة شتى صنوف المخدرات. سيدفعها شقيقها إلى عالم المخدرات، وتقدم على جريمة قتل تحت تأثير الضغوط والظروف النفسية الصعبة التي تعيشها، فيُحكم عليها بالسجن عشرة أعوام.
هنا، تكشف نرجس النجار العالم الخفي لسجن النساء ومعاناتهن وحياتهن ضمن قالب درامي. تؤدي دور آية الممثلة المغربية الواعدة نادية كوندا، فيما يتقمّص مراد الزكندي دور تاجر المخدرات. وتلعب وداد الما دور راضية صديقة آية، إلى جانب كل من عمر لطفي ونادية نيازي.
وإذا عدنا إلى رواية الأم، فإن نفيسة السباعي تطرقت إلى زمن ما بعد استقلال المغرب والقيود الصارمة التي كانت تكبل حرية النساء، وخصوصاً في منطقة الريف. الرواية التي صدرت عام 2004 وعرّبتها الزهرة رميج، تؤرخ لزمن الظهور الأول لحركات التحرر النسائية في المغرب، وبداية مطالبة النساء بحقوقهن في مجتمع منغلق بعد الاستقلال. إنّها رواية ثائرة بامتياز، ألهمت ابنتها بعد سنوات لتقتبس عنها عملها الجديد، الذي شارك فيه فريق تقني وفنّي من بلجيكا، وكلّف إنتاجه مليوناً ونصف مليون يورو.
تأمل النجّار من خلال تجربتها الجديدة، مواصلة تيمتها الأثيرة المتمحورة حول معاناة المرأة وصراعاتها، في مجتمع ذكوري. وقد رأينا ذلك في شريطها السابق «العيون الجافة»، الذي عرّج على الدعارة في المغرب، ونظرة المجتمع التي لا ترحم. فهل يحقّق «عاشقة الريف» هذا النجاح ؟ الإجابة بعد انطلاق الفيلم في الصالات المغربيّة.