كان إلغاء أمسية نصير شمّة (1963) في السعودية مفاجأة لكثيرين. الموسيقي العراقيّ المقيم في مصر منذ عام 1999 رأى أن ما يحدث «مقدمة لمعركة حقيقيّة تجري الآن بين المثقفين السعوديّين والمتشدّدين الذي يسمّون اللجان «الاحتسابيّة»، وخصوصاً أنّ موضوع إلغاء أمسيتي دخل في اتجاهات عجيبة غريبة، إذ اجتمعت هيئة الأمر بالمعروف لمناقشة الأمسية. ثمّ سرعان ما احتفلوا بأنّهم حصلوا على أمر من أمير المنطقة الشرقيّة في السعودية بإلغاء الأمسية، واعتبروه نصراً لهم». وأضاف شمة في اتصال مع «الأخبار»: «كلّ المثقفين السعوديّين يخوضون حرباً ضدّ تدخّل المتشددين في الحياة. بل إنّ الكثير من المواقع الثقافيّة العربيّة والصحف السعوديّة كتبت عن الموضوع وناقشته بجدل واسع».
وعما إذا كان سيلبّي دعوة جديدة لإحياء أمسية في السعودية، أشار الى أنّ ما جرى ويجري هو «صراع بين الظلاميّين والتنويريّين، ومهمتنا في العالم العربيّ أن نوصل وجهة نظرنا الى الناس. والشعب السعودي يتابع دوماً حفلاتي وأمسياتي، وبالتالي هذا الفعل لن يقاس أو يؤخذ عليهم».
وعن تقويمه لموقف اللجان الاحتسابية وتدخلها في إلغاء أمسيته، قال «المتشدّدون لا وطن لهم. هم موجودون في كلّ مكان، يرون أنّ أهمّ ما في حياتهم هو فرض وجهة نظرهم، حتّى لو قاموا بتصفية الآخر. وهم السبب في خلق تنظيم «القاعدة» والقتل والتفجير بالسيارات المفخخة وكلّ سفك الدماء الذي نشهده في منطقتنا. هم لا يهمّهم سوى الانتصار لوجهة نظرهم وذواتهم، معتقدين أنّ الله منحهم الحقّ في تزكية الإنسان أو تكفيره». وليست هذه المرّة الأولى التي يُمنع فيها مثقف أو فنّان عربي من المشاركة في فعاليّات ثقافيّة وفنيّة تقام على أرض المملكة. إذ مُنعت «منشورات الجمل» التي يديرها الناشر والشاعر العراقيّ خالد المعالي، من المشاركة في «معرض الرياض الدوليّ للكتاب» في آذار (مارس) الماضي. يومها، أصدرت «الجمل» بياناً شديد اللهجة جاء فيه: «منعت إدارة المعرض الكثير من الإصدارات الجديدة والقديمة، من ضمنها روايات الكاتب عبده خال (...) وخلال هذا، نشطت الإدارة في نشر الشائعات واختلاق المشاكل في الصباح والمساء. وحينما كنّا (منشورات الجمل) نواجه هذه الإدارة بمفاهيم تقوم عليها السياسة المعلنة للمملكة مثل «مملكة الإنسانيّة» أو «حوار الأديان»، فإنّها كانت تبرطم كأنّها تريدنا أن نفهم بأنّ هذه الشعارات هي للتصدير وليست للاستهلاك المحليّ...».



الربيع آتٍ

بعد إلغاء حفلة نصير شمّة من حفلة «أرامكو» في السعودية، اختار المنظّمون تقديم عرض مسرحي صامت بعنوان «للأقنعة أسطورة»، شاهده أكثر من ألف شخص. لكنّ ناشطين على فايسبوك أصرّوا على أنه رغم جمال هذا العرض المسرحي، إلا «أن كل الحفلات لن تعوّضنا غياب نصير شمّة الذي انتظرناه طويلاً في المملكة». ورأى بعضهم أن ما حصل هو بسبب مواقف الموسيقي العراقي الداعمة للثورات العربية. «هنا، الجميع يخاف من الثورة... لكن الربيع العربي لن يبقى بعيداً عنّا، إنه آتٍ لا محالة».