هل تحوّل جورج قرداحي بسبب موقف أعلنه قبل أيّام إلى بوق للنظام السوري؟ وهل سيلاقي مصير الممثلة غادة عبد الرازق التي تصدّر اسمها القائمة السوداء للنجوم المؤيدين لنظام حسني مبارك في مصر؟ هل تنتهي علاقته بـ mbc بسبب وصفه ما يجري في سوريا بـ«المؤامرة»؟ حتى أول من أمس، كان مصير برنامج جورج قرداحي «أنت تستاهل» (you deserve it) المفترض عرضه بين عيدَي الفطر والأضحى في مهب المجهول. غير أن الساعات الأخيرة حملت تطوّراً يُختصر في تأجيل البرنامج «مرحليّاً»، على أن يقدّمه إعلامي آخر غير قرداحي!
بدأت القصة عندما صرّح الإعلامي اللبناني بأن ما يجري في سوريا لا يعدو كونه «مؤامرة مفضوحة تستهدف أمن البلاد واستقرارها ونهضتها». وأضاف يومها إن «ما نقرأه ونسمعه في الفضائيات العربيّة والغربيّة هو تضخيم للأمور عمداً وتزوير للحقائق أحياناً».
منذ إعلان قرداحي موقفه، انهالت الاتصالات على المحطة السعوديّة وهوجم بعنف في الصحافة السعوديّة بصورة خاصة، وعبّر صحافيون في المملكة عن امتعاضهم منه. كذلك شعرت مجموعة «أم. بي. سي.» بأن المستهدف من انتقادات قرداحي كان قناة «العربية» التابعة لمجموعتها، ما اعتبرته «نكراناً للجميل».
وفي ظل كل هذا الهجوم المركّز عليه، أطلّ قرداحي في مقابلات إعلامية ليوضح موقفه، قائلاً إن هناك من فسّر تصريحاته على نحو خاطئ، وموضحاً أنه كان من أول المؤيدين للثورات الشعبيّة العربيّة، وأنه أول من نادى بضرورة التغيير، «حتى تملّكني اليأس، وظننت أن العرب ينامون كأهل الكهف. لكن رأيت رياح التغيير تهب على العالم العربي من تونس، وانتعش قلبي حين رأيت الشعب المصري يقوم بثورته أيضاً». وأضاف قرداحي بأنه يؤيد كل تلك الثورات، «لكنني أخاف مصادرتها، ومن الأشخاص الذين يحاولون إفشالها»، مناشداً الشباب أن يبقوا متيقّظين، «لأنهم هم من ضحّوا بحياتهم ودمائهم من أجل الحرية». وقال قرداحي: «نحن الإعلاميين لا يمكننا الدفاع عن نظام لا يرضى به الشعب، ولو كان الشعب يريد النظام فلن يستطيع أحد أن يغيره»، مضيفاً «لا أتدخل في الشأن السوري الداخلي، لكني عرضت موقفي ولم أدافع عن النظام، فأنا ضد قتل الأبرياء وضد إراقة الدماء، سواء كانوا من الشعب أو من الجيش».
ولم يشفع لقرداحي تصريحه الثاني، إذ طلب رئيس مجلس إدارة mbc وليد آل إبراهيم وقف التعاون مع الإعلامي اللبناني «مراعاة لمشاعر أهالي الشهداء السوريين»، فما كان من المحطة إلا أن أصدرت قراراً يقضي بمنع عرض «أنت تستاهل» أول من أمس، على أن يلغى نهائياً أو يعرض بحلة جديدة مع مقدم آخر. هكذا، قرّرت المجموعة السعوديّة حماية نفسها من غضب مشاهديها، فضحّت بأحد أبرز نجومها، بعدما وُصف اتفاقها مع قرداحي بأنه «سوء تقدير واستفزاز للمشاهدين العرب».
من جهته، يوضح قرداحي موقفه لـ«الأخبار» قائلاً: «لا أحد حريص على دماء السوريين أكثر منّي، وأعتقد أن ما يجري ليس سوى حملة أتعرّض لها شخصياً، ولا أفهم القصد منها». ويضيف إنّ «هذه الحملة بدأت في سوريا وانتقلت إلى السعودية انطلاقاً من مبدأ انصر أخاك ظالماً كان أو مظلوماً». ويوضح الإعلامي اللبناني الشهير أنه يفهم جيداً موقف mbc وإن كان يعترض على عبارة «مراعاة لمشاعر (السوريين)» التي أوردتها في بيانها الصادر أخيراً. ويسأل: «من هم السوريّون الذين تراعي المحطة مشاعرهم؟ إنّ نصف الشعب يؤيّد بشار الأسد».
وهنا تبرز علامات استفهام عدّة حول المشهد الإعلامي في ظل الربيع العربي: هل بات مطلوباً من الإعلاميين والنجوم والمثقفين الامتناع عن إعطاء رأيهم في التطورات السياسية والأمنية على الساحة العربية خوفاً على مستقبلهم المهني؟ وبغض النظر عن موقف قرداحي من الاحتجاجات الشعبية في سوريا، هل يمكن القول إنّ الثورات العربية لن تغيّر شيئاً في واقع رفض رأي الآخر وقمعه، ولو اختلفت مصادر هذا القمع؟ هل يمكن أن تبدأ القوائم السوداء بالانتشار في لبنان بعدما اصطفّ الفنانون على ضفّتَي النزاع؟



هجوم فايسبوكي

أسّس بعض السوريين صفحة «شكراً جورج قرداحي لوقفتك مع سوريا» على موقع فايسبوك. وكتب هؤلاء عبارات الغزل والإطراء للإعلامي اللبناني. إلا أنّ المعارضين انضمّوا أيضاً إلى الصفحة ليشتموا قرادحي، مطالبين إياه باعتزال العمل الإعلامي «بعد موقفك المخزي».



مبايعة بالأغاني

بدا موقف بعض الفنانين اللبنانيين من الاحتجاجات الشعبية في سوريا متوقّعاً، وخصوصاً بالنسبة إلى المغنين الذين دعموا النظام. هكذا أصدرت مجموعة كبيرة منهم أغنيات مؤيدة للنظام. ومن بين هؤلاء ملحم زين (أغنية «بدي غازل سوريا»)، ومحمد اسكندر («منموت كبار»)، وأيمن زبيب («من القلب»)، ومعين شريف («سوريا الله حاميها»)، وعلاء زلزلي («منعيش بالشام)، ومي حريري («جنوبية وجاية رد جميل»)، وفارس كرم («ما منبايع إلا بالدم»)... في المقابل، لوحظ صمت الفنانين المؤيدين للإنتفاضة، باستثناء مرسيل خليفة الذي شارك في الدعوة إلى وقفة بيروتية للتضامن مع الشعب السوري، في الثامن من الشهر الحالي.