طرح عجيب يقدمه علاء حليحل في مقالته المنشورة بعنوان «واقعة «يبوس»: كفى تخويناً!»
(«الأخبار»،10 آب/ أغسطس 2011) في محاولته الرد على التساؤل النقدي الذي طرحه الكاتب مصطفى مصطفى «وجهة نظر: القدس محتلة؟» بشأن «مهرجان القدس للموسيقى» الذي تنظّمه مؤسسة «يبوس» («الأخبار»،30 تموز/ يوليو 2011).
طرح حليحل لا يمتّ إلى المنطق بصلة، ويتعاطى باستخفاف مع قضية أساسية، أي الثقافة في القدس المحتلة. وهذا للمناسبة ما يواجهه المثقف والمواطن المقدسي حين ينتقد أصحاب «المؤسسات الثقافية» في القدس المحتلة.
ولا نعرف لماذا يتبرّع السيد حليحل بالرد نيابةً عن أصحاب مؤسسة «يبوس» والقائمين عليها، وهو البعيد كما نظن عن الواقع الثقافي للمدينة المحتلة؟ ولماذا «يترفّع» أصحاب المؤسسة المذكورة عن الرد المباشر على النقد الذي يوجه إليهم منذ سنوات طويلة، ويفضّلون الرد من خلال «شبيحة» لا نظن أن حليحل يقبل أن يكون واحداًَ منهم؟
لا يمكن تحويل قضية مثل الثقافة في القدس الى نكتة، ولا يمكن تبرير أجندات المؤسسات المموّلة أجنبياً بتلاعب لغوي والقول على لسان عادل إمام «البلد كلها حَ تبات في الشارع» إذا أردنا مقارعتها. أليس المبيت في الشارع وإرادة الشعب هما من أسقط الطُغاة؟ يتساءل حليحل، «لكن هل التموّل من جهة فرنسية أو أوروبية يقلل من وطنية المؤسسة؟ أليس المعيار التوجّه الذي تنتهجه؟» نعم، إن معيار التوّجه الذي تنتهجه «يبوس» هو ما يستحق النقد. وربما أجندة مؤسسة «يبوس» لا تختلف كثيراً عن مؤسسات «الأنجزة» الثقافية الأخرى في القدس، لكن النقاش يكتسب خصوصيته وحدّته من واقع المدينة المحتلة، وما تتعرض له الآن من أسرلة واستهداف منظّم لكل ما هو عربي فيها.
إن إشكالية «مهرجان القدس للموسيقى» لا تقتصر على غياب جمهور مقدسي حقيقي عنه، إذ إنّه يقام أصلاً لموظفي القنصليات الأجنبية والمموّلين وبعض «الإيليت» (النخب) ــــ وأخيراً يأتي سلام فياض لافتتاحه بتصريح إسرائيلي!
إن إشكالية «يبوس» الأساسية هي في الهيمنة على معظم التمويل الخاص بالثقافة في القدس، وتجميده في مؤسسة لا تقيم سوى نشاط واحد في السنة، مؤسسة لا نعرف في الحقيقة ما يفعله موظفوها طوال السنة. مؤسسة تعادي المجتمع، وتعادي صنّاع الثقافة، وتكتفي بعلاقات عامة مع ممولين وقنصليات. مؤسسة متحالفة مع شخصيات فاسدة في السلطة الفلسطينية... مؤسسة تقيم نشاطاتها تحت الحراسة. ولا نعرف ممن يحرس مهرجانها العتيد كل سنة قرابة عشرين حارساً!
إن النقد الموجّه إلى «يبوس» يتعدى حقيقة مواقفها السياسية الركيكة. إننا كمقدسيين وكناشطين ثقافيين ضقنا ذرعاً بالشعارات التي تتناقض مع واقع عمل هذه المؤسسة على الأرض، وضقنا ذرعاً بهذه المتاجرة بالثقافة في مؤسسة لا يستفيد منها سوى الدائرة الضيقة لمديرتها رانيا إلياس.
والأفظع أنّ مؤسسة «يبوس» لا تقدم أي رد رسمي على حقيقة ما يثار بشأن مهرجانها، وتعاونها غير المبرر مع جهات إسرائيلية. وهي أيضاً لا تنشر أبداً مصادر تمويلها وحجم هذا التمويل، وماذا فعلت بملايين الدولارات التي جمعتها خلال السنوات الماضية من الاتحاد الأوروبي، ووكالة بيت مال القدس الشريف، وجهات خليجية وأوروبية أخرى.
من حقنا إذاً أن نعرف، ومن حق المجتمع المقدسي أن يستفيد من الموازنات التي تصرف باسمه. وإن كنا لا نستطيع نقد مؤسسة ثقافية واحدة أو محاسبتها، فكيف لنا أن نتحدث عن تحرر وإصلاح وتغيير... وكيف لربيع فلسطين أن يأتي؟
* مسرحي وناشط ثقافي من القدس المحتلة
تعليقات القراء
ضمن تعليقات القراء التي وردت على موقعنا رداً على مقال الزميل مصطفى مصطفى (راجع «الأخبار» عدد 30 يوليو)، كتب محمد خضر: «كتبت الصحف الإسرائيلية عن نجاح الحفلة التي أحياها المطرب الجزائري رشيد طه في القدس المحتلة في إطار مهرجان «يبوس» (...) وأوردت الصحف أنّ الحفلة تعدّ خطوة نحو تطبيع العلاقات الثقافية بين البلدان العربية التي قطعت علاقاتها مع إسرائيل»، فيما ردّد قارئ مجهول: «المقولة الشهيرة للراحل القائد الأخ فيصل الحسيني: زيارة السجين هي ليست تطبيعاً مع السجان».
9 تعليق
التعليقات
-
نحن أهل مكة ونحن أدرى بشعابهاشيء مؤسف جدا ولقد كان هناك جدل كبير على الفعاليات التي تم تقديمها بالقدس والتي لم تكن خادمةلا للقدس ولا لقضيتها ولا لأهلها وعندما سمت عن الأموال التي جمعتها يبوس لتقيم هذا المهرجان ذهلت لأنني أعمل كمنسق برامج وفعاليات بأحد المؤسسات المقدسية ولقد أستطعنا أن نعمل فعالياتنا الثقافية بمبالغ لايمكن أن نصفها بالفتات حتى مقارنة بالمبالغ التي صرفت في مهرجان يبوس والذي كان حكرا لطبقة وشرائح محددة وتم عمل بعض الفعاليات المضللة لإشعار الممولين والمسؤولين بأن أهداف المهرجان قد نجحت 99% من أهالي القدس المحتلة لا يعرفون ما هي يبوس وما هو مهرجانها مشكورين
-
المنظمات الغير حكومية الى اين؟ساهمت المنظمات غير الحكومية،في إضعاف اليسار الفلسطيني. فكثير من أعضاء المنظمات الوطنية اليسارية المنضوية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، والذين أسسوا منظمات أهلية كواجهة للعمل الاجتماعي، وجدوا أنفسهم بعد سقوط الاتحاد السوفياتي وتراجع حضور اليسار في الواقع الفلسطيني، أنهم صاروا خارج أحزابهم وفصائلهم اليسارية الأصلية،فاتجهوا نحو جهات مانحة غربية، وتحوّل كثيرون من هؤلاء من الماركسية إلى الليبرالية وصولا للإنتهازية. وفي هذا الميدان يلاحظ أن معظم مسؤولي هذه المنظمات يتقنون اللغات الأجنبية . غير أن بعض هؤلاء باتوا يقدمون مشاريع الديموقراطية وحقوق الإنسان وحقوق المرأة والمهرجانات الشعاراتيه على حساب القضايا الوطنية، ويقيمون علاقات وثيقة بالجهات المانحة الأوروبية والأميركية التي كانت،إلى عهد قريب أعداء "تاريخيين" للشعب الفلسطيني,لذا فان مؤسسة يبوس هي احدى هذه المنظمات والتي تنشط في استجلاب الدعم المادي وتتماهى مع الممول وتعمل ضمن اجنده غربيه بعيده عن قيمنا الوطنية ولا تترقي لإحتياجات المواطن المقدسي الذي يمثل الوسيلة التي تطرز بها مشاريعها,إذن المساله غاية في الخطوره كون يبوس تعمل ضمن دائرة غاية في التعقيد إلا وهي مدينة القدس,والتي لا تتوفر فيها اي نوع من الرقابة الوطنية.
-
اطالب المسئولين حول مسألة الان جي اوز في القدسفي فلسطين بالذات تلعب المنظمات غير الحكوميةوعلى رأسها يبوس الممولة أجنبياً، دوراً مزدوجاً في ملء الفراغ الذي خلقه تخلي الاحتلال عن مسؤولياته القانونية"من خلال اتفاقية اوسلوا" تجاه الشعب الواقع تحت الاحتلال، بدعم مالي من نفس الممولين الأجانب الذين يدعمون ذلك الاحتلال طبعاً، مما يسهم بتبييض صفحة أولئك الممولين الأوروبيين والأمريكيين الداعمين للاحتلال الصهيوني أمام الشعب العربي ومما يسهم بخلق قطيع محلي من المتمولين "متسولين"أجنبياً يصبح دأبه وديدنه الحمد والتهليل للمنظمات غير الحكومية الممولة أجنبياً التي تحل المشاكل المعيشية اليومية للشعب الفلسطيني،ان يبوس اليوم تتصرف كأي نظام عربي فاسد لا يحتمل النقد كونه مدان,إن الثروه التي جمعها اصحاب يبوس تحتم عليهم الدفاع المستميت عنها وبذلك وقعت يبوس بالمحظور حين بالغت بالشعارات الفارغه التي اطلقتها في مقاومة الاحتلال والذي يصدر التصاريح الخاصة برواد المهرجان حتى ولو كان سجلهم الامني لا يسمح بدخولهم القدس الا من خلال بوابة يبوس المشرعه امام الضيوف العرب وغير العرب,اطالب بصفتي الشخصية اولا وبصفتي عضوا في مركز القدس لمقاومة التطبيع ان أسال مؤسسة بيت المال وغيرها من الغيورين على شعبنا الفلسطيني ان تتأكد من صرف هباتها المالية, التي قدمتها لغلابى القدس وليس للترفية عن القناصل وطبقة الانقراض الاجتماعي المقدسي وتسمين عائلات تحاول ان تضحك على ذقون الممول
-
يعيش الفسادباختصار يبوس مشروع استنفاعي لعائلة واحدة(رانيا الياس وزوجها سهيل خوري المستولي على معهد ادوار سعيد الوطني للموسيقى) عائلة أتقنت لعبة الاستيلاء على التمويل المخصص للثقافة والفن في فلسطين بالتواطؤ مع بعض المسؤولين الفاسدين الذين يدعمونها... ويا حبيبي حسام(وانا بالمناسبة من من المعجبين بفنك) لا تغلب نفسك الجميع يعلم بفساد يبوس منذ عشر سنوات ولم يتحرك أحد... الاحتلال سعيد بهم والسلطة سعيدة بهم والقنصليات سعيدة والغلابى زعلانين؟ طز في الناس الغلابى وطز في القدس وتعيش رانيا إلياس/طرابلسي!!!!
-
المال الخليجي لدعم المقاومة لا التطبيعأُحي اخواني المرابطين في القدس المحتلة... بارك الله في جهادكم وصمودكم.. ورسالتكم وصلت إلينا باذن الله... وكم يخجلني أن نكون سبباً في شقائكم وتعاستكم.. لأن أموال الخليج تذهب لأيدي غير أمينة في القدس الشريف. نشكر أصواتكم الشريفة هذه، ونطالب المعنيين والمسؤوليين الخليجيين أن يتحققوا من كيفية صرف الأموال التي تذهب للثقافة في القدس.. وهذا أضعف الايمان.. وشكراً
-
مؤسسات الأنجزة والشعارات الرنانةاحدى أسلحة طبقة الايليت هذه، التي تدير مؤسسات "أنجزة" بملايين الدولارات هو الشعارات، سواء في أخبارها الصحفية أو برشوراتها أو "النيوز ليتر".الشعارات لديها هي "أمر منفصل عن واقع الناس، يخلق لنفسه ديناميكية وحياة خاصة به" على حد تعبير د. عزمي بشارة (في احدى مقابلاته التلفزيونية). إذن ليس غريباً أن تكون شعارات "يبوس" بعيدة عن الواقع الثقافي والاجتماعي في القدس. الواقع الذي تغض القنصليات الأجنبية الطرف عنه، وتعتبر ممثليه الحقيقيين خطراً على الاحتلال وسلطة أوسلو وعلى مراكزهم الامبريالية الثقافية أيضاً. هذه الطبقة لا تترك لنا مخرجاً إلا قتالها حتى اسقاطها.. فالشعب الفلسطيني ضاق ذرعاً بنظام الأنجزة ورموزه!
-
مسكينة هي القدس... مطالب شرعية وبديهية، وهذا حقّ كل عربيّ،وواجب على كل من يؤمن بحقنا في القدس وأرض فلسطين المحتلة.العمل على كشفهم ومحاسبتهم. فالقدس ليست فقط للفسطينيين. وأخص بالذكر إخواننا في المغرب والخليج العربي أن يحققوا في الموضوع ويبادروا بنشر حجم التمويل الذي قدموه لهذه المؤسسة طيلة السنوات الماضية،لتبرئة ذمتهم من هذه الأمانة في أعناقهم ومساعدة إخواننا المرابطين في القدس المحتلة.
-
التمويل الأجنبي مفسدة للثقافة الفلسطينيةمشكلة التمويل الأجنبي في فلسطين هي تعبير سياسي عن ثقافة أوسلو التي هي أساس تدهور الثقافة الفلسطينية. حين تتحول الى هدف التطبيع الثقافي مع اسرائيل. فالتمويل الأجنبي وصل الى مفاصل الثقافة الفلسطينية الأساسية . هذا ما تقوله سردية أوسلو. وهي سردية مدمرة.هناك سرديتان هامتان في الحوار الثقافي الفلسطيني أسستا لثقافة راقية: سردية الدولة ثنائية القومية التي امن بها : ادوارد سعيد ومحمود درويش. وهناك سردية فلسطين التاريخية أبرز ممثليها: غسان كنفاني وناجي العلي وعزالدين المناصرة على سبيل المثال. أنتجت هاتان السرديتان نصوصا عظيمة . أما سردية أوسلو فلم تنتج أي نص ثقافي له قيمة. تلك هي المشكلة: رام الله الثقافي تصبح في سردية أوسلو بديلا من سردية القدس.