في عام 1987، هزّت فضيحة «أطفال المنزل» الرأي العام البريطاني. يومها، كشفت العاملة الاجتماعية الإنكليزية مارغرت هامفريز مآسيَ عائلية كثيرة، نتجت من ذلك البرنامج الذي كان يقوم على نقل الأطفال البريطانيين الفقراء من منازلهم، وإرسالهم إلى بلدان الكومونويلث الأخرى.
تأسس «أطفال المنزل» عام 1869 على يد آني مكفيرسون، وكان يهدف إلى تأمين فرص أفضل للأيتام، وللأطفال الفقراء. لكنّه تسبب في نتائج كارثية. إذ تمّ تهجير عدد كبير من الأطفال من دون أن يعرف آباؤهم ما حل بهم. توقفت تلك الممارسة رسمياً في الثلاثينيات، لكنّها لم تنقطع فعلياً إلا خلال سبعينيات القرن الماضي. حول هذه القضيّة، تدور أحداث «برتقال وشموس» Oranges and Sunshine (٢٠١٠) الذي وصل أخيراً إلى الصالات اللبنانيّة.
العمل باكورة المخرج الإنكليزي جيم لوتش، ابن المعلّم المعروف كين لوتش. في اختياره لهذا النوع من القضايا التي تشكل جرحاً في الضمير الجماعي، يبدو لوتش الابن سائراً على خطى أبيه في انتهاج تيار الواقعية الاجتماعية الملتزمة. يدل على ذلك تعاونه مع رونا مانرو التي كتبت للوتش الأب سيناريو فيلمه Ladybird, Ladybird عام 1994. الفيلم مقتبس عن كتاب هامفريز «المهود الفارغة»، وتدور أحداثه خلال الثمانينيات. تؤدي إميلي واتسون (الصورة) دور هامفريز التي بدأت بحثها في القضية، بعد لقائها بامرأة استرالية تدعى شارلوت. تخبرها شارلوت أنها هجرت من إنكلترا طفلة، بعد إخبارها أن أمها قد توفيت. تتكشف بعدها قصص مماثلة كثيرة، ومعها خيوط مأساة سببتها هذه الممارسة على نفسية أولئك الأطفال وحياتهم. هذا من دون الحديث عن استغلالهم، وشعورهم بعدم الانتماء وفقدان الهويّة، وسط المعاملة السيئة التي تلقّوها في دور التبني. رغم الأداء الجيد لطاقم الممثلين، وعلى هامش الصورة السينمائية، بدا الفيلم متسرعاً في محاولته طرح القصة. هكذا جاءت بعض التطورات الدرامية متسرعة، وغيبت بعض أحداث القصة المهمة، على حساب جودة السرد السينمائي. رغم ذلك، يبدو العمل مثيراً للاهتمام، وسيحفز المهتمين على متابعة ما سيقدمه جيم في المستقبل. بالطبع ستكون المقارنة مع أبيه ـــــ صاحب «الريح التي تهزّ الشعير» (2006) ـــــ حاضرة بالتأكيد عند كلّ خطوة.

Oranges And Sunshine
«سينما سيتي» (01/899993)