دمشق | في نهاية عام 2008، أعلن فراس إبراهيم نيّته إنتاج مسلسل يروي سيرة الشاعر الراحل محمود درويش. كان إعلان المنتج والممثل السوري عن مشروعه كافياً لتنطلق ضدّه حملة عنيفة من أطراف مختلفة. وبدا واضحاً أن هؤلاء لن ينتظروا خروج العمل إلى النور، بل شنّوا معركة ضدّ إبراهيم ومشروعه حتى قبل قراءة السيناريو أو انطلاق عملية التصوير.هكذا واجه إبراهيم حرباً نفسية وإعلامية عنيفة، زادها سوءاً حادث السير الخطير الذي تعرّض له عندما كان عائداً مع مرسيل خليفة من زيارة لعائلة الشاعر الفلسطيني الراحل في الأردن. ولم تقف الأمور عند هذا الحدّ، بل انسحب كل الممولين للمسلسل نتيجة التطورات الأمنية والسياسية التي شهدها العالم العربي، وتحديداً في سوريا. أضف إلى ذلك أزمة تسويق الأعمال السورية للفضائيات الكبرى، وخصوصاً الخليجية. رغم كل ما سبق، أنهى مخرج مسلسل «في حضرة الغياب» نجدت أنزور التصوير، بعد استعانته بالمخرج الشاب المثنّى صبح. وبدأ عرض العمل على أكثر من عشر فضائيات، بينها «فلسطين»، و«الجديد»، و«السومرية»...
إلا أنّ عرض الحلقة الأولى من المسلسل الاثنين الماضي، أعاد الجدل إلى الواجهة. بدأت الحملات على مواقع التواصل الاجتماعي تطالب بوقفه «لأنه يهين محمود درويش وتاريخه». ثمّ أصدرت «مؤسسة محمود درويش» بياناً الثلاثاء الماضي تطرّقت فيه إلى العمل، وطالبت بإيقاف عرضه «لأنه يسيء إلى درويش». وأضافت إنّ المسلسل «يعدّ إساءة إلى الشاعر وصورته وحضوره في الوعي الثقافي العربي والإنساني»، لافتة إلى أنها أبلغت القائمين على العمل ذلك. وأضافت إن «غياب القوانين الخاصة بحقوق الملكية الفكرية، وضعف العمل في التشريعات المتعلقة بالحقوق الثقافية (...) سمحت بتجرّؤ البعض على إرث الراحل الكبير، سواء عبر انتحال حضوره على الشاشة أو من خلال الالتفاف على اسمه، وهو ما ستعمل «مؤسسة محمود درويش» على التصدي له في إطار القوانين».
«الأخبار» تحدّثت مع فراس إبراهيم للوقوف عند رأيه في الحملة الموجّهة ضدّ مسلسله، فقال: «فوجئت ببيان نشر على موقع فايسبوك يحمل اسم «مؤسسة محمود درويش» ويتّهم العمل ويتبرأ منه... وللأمانة، كنت آمل أن يحصل تعاون بيننا، وأن يكون نشاطها الأول خارجاً عن حدود الكلام والبيانات»، مضيفاً: «أعرف جيداً الأشخاص الذين يديرون هذه المؤسسة، وهؤلاء الذين يقفون خلف هذه البيانات المفبركة الحاقدة، التي تكشف عن نتيها كونها تستبق الأحداث».
من جهة أخرى، يؤكد إبراهيم أنه ليس ضدّ النقد، بل إن انتقاد «في حضرة الغياب» أمر ضروري «لكن بعد انتهاء عرض كل الحلقات... لذلك لا بدّ من طرح علامات استفهام حول هذه المؤسسة، وأين كانت أثناء الإعداد للعمل، ولماذا لم تبلغنا تحفظها آنذاك؟»، ويضيف: «لا أعترف ببيان مفبرك ينطوي على أحكام مسبقة وسطحية... وها أنا أردّ كي لا أُتّهم بالتهرب من الصحافة». ويعلن إبراهيم صراحة أن من أصدر البيان «كان همه الوحيد التشويش على عرض العمل، وإدخال الصحافة في هذه البلبلة».
لكن هل هو متخوّف من لجوء المؤسسة إلى القضاء لإصدار قرار بوقف عرض «في حضرة الغياب»؟ يقول منتج مسلسل «أسمهان»: «نحن كـ«شركة فراس إبراهيم للإنتاج والتوزيع الفني» مسؤولون مسؤولية كاملة عن هذا العمل، ولم نبلغ أي قرار حتى الساعة. أما البيان، فهو مجرد كلام افتراضي لا يمت إلى الحقيقة بصلة». وماذا عن الموافقة التي حصل عليها من عائلة محمود درويش قبل عرض العمل؟ يجيب «لقد قُرئت الموافقات على المسلسل التي حصلتُ عليها من صديق درويش المحامي جواد بولس، وأحمد درويش شقيق الراحل، على الهواء خلال لقاء تلفزيوني أجراه معي زاهي وهبي في برنامج «خليك في البيت» قبل بث العمل. وقد تشاركت مع مرسيل خليفة في المسلسل بما أن الفنان اللبناني يعرف درويش جيداً وقد تعاون معه طويلاً».
ورداً على كل الانتقادات التي طاولت المسلسل، يقول إبراهيم إنّ ردود الفعل على أولى حلقات العمل كانت إيجابية «مع ذلك، أرفض المديح قبل متابعة القسم الأكبر من المسلسل، وأطلب من الجميع التروي قبل إطلاق الأحكام».