الرباط | «الأميرة سلمى، زوجة الملك المغربي، أهدت (رئيسة «حزب كاديما» الإسرائيلي) تسيبي ليفني عقداً». هذا الخبر الصغير نشرته صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، ونقله موقع «لكم» الإخباري المغربي lakome.com ، لينتشر بسرعة البرق على مختلف المواقع الإخبارية، ومواقع التواصل الاجتماعي. طبعاً لم نقرأ الخبر في الصحف المكتوبة. مع ذلك، علم به قسم كبير من المغاربة، بعدما تحوّلت المواقع الإخبارية إلى مصدر أساسي للمعلومات. منذ بداية العام الجاري، شهدت الساحة المغربية إطلاق أكثر من موقع إخباري، بعدما كان «هسبريس. كوم» الرائد في هذا المجال. ولعلّ القاسم المشترك بين كل هذه المواقع أن صحافيين مشاغبين «طردتهم» الصحافة المكتوبة، يقفون خلفها. وأبرز هؤلاء علي أنوزلا. بعدما أقفلت يومية «الجريدة الأولى» التي كان يديرها، أنشأ الإعلامي المغربي موقع «لكم». ويذكر الجميع كيف أقفلت «الجريدة الأولى» إثر تعرّضها لمشاكل عدة، منها عدم الحصول على حصة كافية من الإعلانات الرسمية، إلى جانب التضييقات التي كان يتعرّض لها أنوزلا من السلطات بسبب افتتاحياته اللاذعة. لكن صمت هذا الصحافي المشاغب، لم يستمرّ طويلاً. لجأ إلى الشبكة العنكبوتية، وجمع إعلاميين سبقوا أن عملوا في صحف أقفلت أبوابها، إلى جانب مدوّنين مشهورين. هكذا، أنشأوا موقع «لكم» الذي بات يتمتّع بشعبية داخل المملكة. ولأن الإنترنت يعتمد على السرعة، فقد استطاع الموقع أن ينقل عشرات الأخبار ساعة وقوعها. كما تحوّل مساحةً إعلامية تنقل حراك «شباب 20 فبراير» مع تأييد أغلب كتّاب الرأي فيه، لمواقف الحركة وقضاياها...
إلى جانب «لكم»، برز موقع آخر هو «كود» www.goud.ma الذي أسسه أحمد نجيم وهو صحافي عمل في الأسبوعية المشاغبة «نيشان» التي أغلقها مالكها أحمد بنشمسي، بعد سلسلة محاكمات بسبب جرأتها... أراد نجيم أن يكون موقعه الإخباري جامعاً لكل الآراء والتيارات السياسية، مع الحفاظ على هامش من الحرية، واختيار قيم الحداثة كخط تحريري للموقع الإخباري. يقول الصحافي المغربي لـ«الأخبار» إن الانتقال إلى الفضاء الإلكتروني هو «انتقال إجباري فرضه واقع الصحف المغربية. بعدما ضاقت السبل ببعض الزملاء، لجأنا إلى الإنترنت». رغم تشاؤم نجيم من واقع المهنة، يعلن أن فضاء الصحافة الإلكترونية أرحب. ويقرّ بأن عدد قرائه وصل إلى ثلاثين ألف قارئ يومياً بعد أربعة أشهر فقط على إطلاق الموقع.
الصحافيون المشاغبون الذين تعرضوا لمحاكمات عدة، وتضييق على حرية عملهم، وجدوا في المواقع الصحافية بديلاً من الجرائد الورقية المعرّضة للمنع في أي لحظة. أبو بكر الجامعي، مؤسس مجلة «لوجورنال» الناطقة باللغة الفرنسية، أسس النسخة الفرنسية من موقع «لكم». ونشر على صفحات الموقع مقالات عدة حادة النبرة. غير أنّ الموقع الفرنسي لم يجد إقبالاً واسعاً ويفكّر المشرفون عليه بإقفاله.
علي المرابط، هو الآخر من الإعلاميين المغاربة المعروفين. غادر عالم الإعلام قبل أن يعود إليه من خلال موقع demainonline.com (الغد أونلاين). عودة المرابط جاءت بعد منعه من ممارسة الصحافة عشر سنوات. الصحافي المعروف كان قد كتب مقالة في جريدته الساخرة «دومان ماغازين» عن إمكانية بيع قصر ملكي... ليحاكم في قضية أطلق عليها الصحافيون المغاربة لقب «محاكمة الحجر المقدس».
ونتيجة للنجاح الذي لاقته هذه المواقع، قررت بعض المجموعات الإعلامية تأسيس مواقع إخبارية خاصة بها. هكذا مثلاً أسّست المجموعة التي يملكها أحمد الشرعي وتضم إذاعة، ومجلات... موقعاً يتناول الأخبار بطريقة ساخرة، ويرأس تحريره رئيس التحرير السابق لـ«نيشان» رضوان الرمضاني... حتى إن مجموعات أخرى، وأحزاباً سياسية بدأت رسمياً تفكرّ في إنشاء مواقع إخبارية. بل إنّ الأجهزة الأمنية أسّست أيضاً مواقع صغيرة للتشهير بمعارضيها من حركات إسلامية، ويسار راديكالي... في هذا الإطار، يقول مدير موقع «كود»، أحمد نجيم، إن «السلطات في المغرب التي انتبهت أخيراً إلى ظاهرة اسمها الصحافة الإلكترونية، تعمل جاهدة اليوم من أجل احتواء هذا الإعلام، عبر إطلاق مواقع كثيرة لتمييع الميدان». لكنّه أردف أنه مطمئن الى فشل هذه الخطة: «ما يجب أن تقوم به السلطة هو تقنين القطاع لا تمييعه، وأعتقد أن الأشهر المقبلة ستكون حاسمة في طريقة تعاطي الدولة مع هذه الصحافة».



الرسام الغاضب

هل تذكرون الأزمة التي أثارها الرسم الكاريكاتوري لخالد كدار في «أخبار اليوم» قبل عامَين؟ يومها رسم الفنان المغربي صورة ساخرة عن زفاف الأمير المغربي مولاي إسماعيل، فكاد يجد نفسه في السجن، بعدما أثارت هذه القضية ردود فعل غاضبة في أوساط الأجهزة الأمنية المغربية.
ولعل محاكمة كدار كانت السبب الرئيسي لتقديم استقالته من جريدة «أخبار اليوم» التي نشرت الكاريكاتور. لكن هذا الرسام نفسه وجد متنفساً جديداً بعيداً عن يد الرقابة الحديدية، فبدأ ينشر دورياً رسومه على الموقع الإخباري «لكم».