انتهى العام الدراسي بالنسبة إلى الراقصين الخمسة عشر الذين حالفهم الحظ في الانتساب إلى «مشروع بيروت للرقص». مساء اليوم، يعرضون لأهاليهم ولباقي المتفرجين قدرتهم على تطويع هذا الفنّ وامتلاك أدواته. أمسية خاصة ترسّخ موقع الرقص في الوعي الجماعي، وتتيح للفنانين الصغار القفز خارج حدود الواقع الاجتماعي الضيّق، صوب آفاق جديدة ومستقبل متعدد الخيارات.
المشروع الذي تديره منذ عام 2009 الراقصة والكوريغراف ندى كعنو صاحبة «فرقة بيروت للرقص»، متخصّص في تعليم الرقص للأطفال، الذين تراوح أعمارهم بين التاسعة والحادية عشرة. هؤلاء اختيروا من أوساط غير مرفّهة (كالعادة في عالم الرقص) للمشاركة في برنامج رقص احترافي يمتد سنوياً من شهر أيلول (سبتمبر) حتى تموز (يوليو).
اليوم، يحتفي المشروع على خشبة «مسرح مونو» باختتام السنة الدراسية من خلال أول عرض عام له: أمام جمهور مكوّن من أهالي الطلاب والجمعيات الأهلية والجهات الداعمة للمشروع، سوف يُعرض تقرير قصير مصوّر عن المشروع في مختلف مراحله، قبل أن يؤدي المشتركون، الذين قسموا إلى مجموعتين، عرضاً واحداً لكل مجموعة.
«هو حلم قديم يزيد عمره عن سبع سنوات»، تقول ندى كعنو، التي تركّز هاجسها الأول دوماً على «فتح مجال الرقص لأكبر عدد من الأطفال». انطلاقاً من هنا، لم تكتف مؤسِّسة «مدرسة بيروت للرقص» بقبول أبناء الطبقة الوسطى، بل أصرّت على فتح مشروعها على الطبقة الشعبية، التي لا يتاح لها هذا المجال عادة. هكذا استقطبت ـــــ بمساعدة بعض الجمعيات الأهلية ـــــ مرشحين لم يكن ليخطر في بالهم الالتحاق بمدرسة لتعلّم الرقص. وهنا كانت المفاجأة. «لم أكن أتخيّل ذلك الكم من التجاوب من قِبَل الأطفال أو حتى الأهالي»، تقول الراقصة، التي اكتشفت أن جدار المحظورات الذي نتخيله منيعاً، يتفتت أحياناً بكلمة بسيطة. «فهمنا أن كان علينا القيام بالخطوة الأولى فقط، والذهاب إلى الناس، لتسقط جميع التخوفات».
خلال السنتين الماضيتين، اضطرت كعنو، لأسباب تمويلية، إلى أن تحصر المشروع في خمسة عشر تلميذاً... فالتكوين الأكاديمي لهؤلاء لا يقتصر على إعطاء صفوف الرقص، بل يتضمن برنامجاً تثقيفياً كاملاً، وتكفلاً بتنقلاتهم بين الصف والمنزل.
لكن، في النهاية، لمَ الرقص تحديداً، وفيمَ قد يفيد المشتركين؟ عن هذا السؤال، تستفيض كعنو في الإجابة، فالرقص ليس مجرد حركة جسدية، بل هو مدرسة كاملة وثقافة من شأنها تنمية الشخصية الإنسانية بكل جوانبها، «الرقص يعلّم الدقة، ويقوي الثقة بالنفس، وبالتالي ينمّي الشخصية».
أضف إلى ذلك طبعاً أنّه يفتح آفاقاً جديدة أمام المشتركين. إذ يتيح لهم التحرر من روتينهم اليومي «بدا تأثير الرقص كبيراً على التلامذة. لاحظنا تطوراً في سلوكهم لجهة تعاطيهم مع محيطهم، وأصبح تعاملهم مع مفهوم الزمن والوقت أكثر دقة، كما أكسبهم المزيد من الثقة بالنفس»، تقول الراقصة والكوريغراف، التي تسعى في النهاية إلى تعميم ذلك الفن وترسيخه في عمق الثقافة اللبنانية.



«مشروع بيروت للرقص»: 7:00 من مساء اليوم ـــــ «مسرح مونو» (بيروت). للاستعلام: 01/426869