الأنظار متجهة هذه الأيّام إلى رومان بولانسكي (1933). السينمائي البولوني المثير للجدل يعود إلى الساحة من خلال شريطه الجديد «مجزرة» الذي يوصف منذ الآن بأنّه أحد أهم الأعمال المنتظرة هذا الخريف.بينما كان شريطه «الكاتب الشبح» في الصالات العالمية، واصل صاحب «تشايناتاون» عمله في اقتباس مسرحية الكاتبة الفرنسية ياسمينة رضا «إله المجزرة» (2007) التي حقّقت نجاحاً كبيراً. لكنّ اللافت هنا ابتعاد صاحب «عازف البيانو» عن ثيماته الأثيرة، أي العنف، والتوجه إلى الكوميديا، على الأقل في الظاهر.
في مسرحية Yasmina Reza، تدور الحبكة في بروكلين، حيث طفلان في الحادية عشرة يتشاجران في ساحة المدرسة بسبب رفض أحدهما انضمام الآخر إلى عصابته. يتعاركان بالأيدي، ويفقد أحدهما بعض أسنانه. تقرر عائلتا الطفلين الالتقاء للتحاور بشأن الحادثة، لكنّ الأمور تأخذ بعد ذلك في الانهيار، فيتدهور النقاش في حل المشكلة، ليعيد العنف بين الأطفال تشكيل نفسه في عالم البالغين. صراخ وجدال واتهامات متبادلة بين الأزواج، تحول الأمسية الحضارية إلى فوضى عارمة!
تعاون بولانسكي مع ياسمينة رضا على نقل النص المسرحي إلى سيناريو سينمائي. وتبدو الأسماء التي حشدها للمشاركة في الإنتاج جديرة بالاهتمام بالفعل؛ إذ تؤدي دور البطولة جودي فوستر، كيت وينسليت، كريستوفر والتز، وجون سي رايلي. أبقى بولانسكي على بروكلين مسرحاً للأحداث، بينما صوّر الشريط في باريس بسبب استحالة سفره إلى الولايات المتحدة حيث يواجه دعوى قضائية بقيامه عام 1973 بممارسة الجنس مع فتاة قاصر. ويبدو أن مدة الفيلم تتبع زمن الأحداث الحقيقي الذي يقارب 100 دقيقة كما كشفت فوستر أخيراً في حديث لمجلة «إمباير».
ما أرادته رضا في مسرحيتها تعرية السطح البشري المخادع ليظهر على حقيقته في هذه البيئة من الطبقة الوسطى. وعندما شاهدها بولانسكي، اقتنع فوراً بأنها تصلح للاقتباس سينمائياً، ويبدو هنا رهان صاحب «أوليفر تويست» على استكمال ثيمة العنف الأثيرة لديه، ولو جاءت في إطار كوميدي. الرهان الآن هو على جودة هذا الاقتباس، والجميع في الانتظار.