بينما كان ملف العسكريين المخطوفين عند جبهة "النصرة" يقفل مع إتمام صفقة التبادل، كانت حرب ضروس تدور رحاها بين الشاشات اللبنانية على خلفية استحواذ قناة mtv على الحق الحصري في تغطية عملية التبادل من جرود عرسال، المساحة التي تحتلها "النصرة". هذه القنوات أيضاً كانت تتسابق في ما بينها على إستضافة اللواء عباس إبراهيم المدير العالم للأمن العام صاحب اليد البيضاء في هذه الصفقة. جاءت ساعات المساء أمس، ومقدمات النشرات الإخبارية لتظهّر أكثر هذا الكباش المتنوع المحاور. حاولت بعض هذه القنوات قطف هذا الإنجاز أي الصفقة عبر التلميح إلى أدوار أقطاب تدور هذه الشاشات في فلكها. "المنار" رأت أنّ هذا الإنجاز "يعود الى المجاهدين الذين ضيقوا الخناق على المسلحين في القلمون وأجبروهم على الانكفاء للتسوية". قناة المقاومة غمزت من قناة فشل أي محاولة لبعض السياسيين والإعلاميين من الترويج لنصر للنصرة وتقديمهم "كحمائم سلام". وذهبت "المستقبل" في مقدمة نشرة أخبارها إلى اعتبار أن هذه الصفقة هي ثمرة التسوية السياسية بقطبيها السيد حسن نصر الله، والنائب سعد الحريري. قد يبدو هذا الأمر طبيعياً، مع رغبة كل قناة في التمركز والصراع من أجل بقائها وحضورها، لكن الذي حدث في الساعات الأخيرة لا يبشّر بالخير. فقد أشعرت mtv مشاهديها أنها تتعرض لحملة وصفتها بـ "الداعشية المقيتة" التي "تسعى الى خطف سبقها الصحافي النظيف". قناة "المر" استضافت لهذه الغاية مراسلها حسين خريس الذي تابع وغطى عملية التبادل منذ الصباح. ظهر خريس ليرد على أسئلة إشكالية وانتقادات واسعة طالته وطالت المحطة التي يعمل فيها. فما كان منه الا أكدّ المؤكد، وقال إن علاقته بالتنظيمات التي أسماها "إسلامية" جيدة، وذلك يعود الى ثقتها به كما يقول، بما أنه إنسان "مسلم وملتزم" وليس كالبقية! سألته المذيعة ديانا فاخوري "لماذا حسين خريس عم يجيب سكوبات ويغيظ بعض الإعلام؟". هذا السؤال كان كافياً لتبيان الغضب داخل المحطة على ما طالها من انتقادات وإتهامات، لا سيما من مديرة الأخبار مريم البسام التي انتقدت خريس من دون أن تسميه ونعته بـ "الإرهابي". قناة "المر" ردت أيضاً بتقرير بعنوان "اخرسي مريم البسام" استعرض ما كتبته البسام عبر تويتر. هكذا، رسا النهار الطويل وطوى ملف العسكريين الأسرى، ليفتح باباً سجالياً إعلامياً بإمتياز. ويظهر هشاشة العلاقة بين القنوات المحلية وسهولة تدني مستوى التعاطي بين بعضها بعضاً.