العكاظ الشعري الذي تحتضنه لوديف حتّى مساء غد، تحت عنوان «أصوات المتوسّط»، يحظى بالاحترام والتقدير. على امتداد 14 عاماً، جاءت المدينة الفرنسيّة الجنوبيّة ببعض أهمّ شعرائنا، ليقفوا وسط الديكور الريفي الحميم، فيلتقوا أقرانهم من العالم، ويواجهوا جمهوراً ما زال يتقن لغة الهمس والرؤيا. بدا «لوديف» موعداً عربيّاً بامتياز، ما اقتضى غالباً غضّ الطرف عن المشاركة الاسرائيليّة في المهرجان. ما العمل؟ الأوروبيون يحشرون قتلتنا في كل المناسبات، ويقولون إنّهم يفعلون ذلك من أجل الحوار والسلام. ونحن نصدّق، أو نتظاهر بذلك. نسحب رقبتنا قليلاً من تحت السكّين لنرضي أصدقاءنا «التقدميّين» ذوي النيّات الحسنة، ثم نعود بعد انتهاء الكرنفال إلى مواجهة مستعمر بشع يلبس قناع الضحيّة، ويمثّل الحضارة الغربيّة في أرض الهمجيّة والإرهاب.«في التسعينيات كانت المشاركة في مهرجان دولي مع اسرائيليين أشبه بالخيانة ـــــ تقول صديقتنا الشاعرة ـــــ اليوم بات الأمر في منتهى الطبيعيّة». كثيرون تجاوزوا فكرة المقاطعة، على أساس أننا لو أحجمنا عن الحضور حيث يدعى اسرائيليون، سنتخلّى لهم عن كلّ المنابر الدوليّة. إذاً نشارك، لكن من دون أي لقاء مباشر أو نشاط مشترك. تلك مسألة تستحق نقاشاً معمّقاً. لكن المشكلة أن «لوديف» هذه السنة يحتفي بـ«الربيع العربي»! عراب الدورة أدونيس، لا يؤيّد انتفاضة تطلع من الجامع. وميشيل ويلبيك اشتهر بعنصريّته تجاه العرب والاسلام. والاسرائيليان ياعيل غلوبرمان وأمير أور، جاءا يشاركاننا فرحتنا بالربيع. بل إن أور، في قصيدته Togetherness، يدعونا إلى أن نمشي معاً إلى الأرض الموعودة. أي ربيع، أي شعر، أي وعد... يا أصدقاء؟