يبدو أن سينما استكشاف الآخر، والحوار بين الشرق والغرب، تلقى رواجاً هذه الأيام، خصوصاً مع الظروف التي تواجه المنطقة، من هاجس الإرهاب إلى «الربيع العربي». محاولة ترجمة هذه النظرة إلى أعمال فنية هي ما يشغل السينما العالمية، إذ برزت أفلام تبحث في نظرة طرفي الصراع واحدهما إلى الآخر. وقد خصص بعض المهرجانات العالمية فسحة لأفلام عربية حاولت التنبؤ بالثورة. لكنّ الوقوع في فخ التسطيح والاستشراق هو السمة الغالبة، للأسف، على تلك الأعمال.أحد الأفلام التي تدور في الفلك ذاته هو شريط الإيطالي ريكي توغنازي «الأب والغريب» (2010) الذي يعرض في بيروت (صالات «أمبير»). الشريط مقتبس عن رواية بوليسية كتبها الإيطالي جيانكارلو كاتالدو بالعنوان ذاته. يلعب بطولته الإيطالي الشهير أليساندرو غاسمان، والمصري عمرو واكد و... اللبنانية نادين لبكي. في الحبكة، يلتقي عالمان مختلفان يحملان الهم ذاته، في محاولة أولية لربط الخيوط بين الشرق والغرب. هكذا، يلتقي دييغو (غاسمان) ووليد السوري (عمرو واكد) في عيادة طبية، حيث يعتني الاثنان بطفليهما المتقاربين سناً والمصابين بإعاقة. من هنا، تنشأ نقاشات بين الاثنين تتطور إلى صداقة متينة.
من جهة أخرى، يعاني دييغو من علاقته المتأزمة مع زوجته ليسا، بينما تجسّد نادين لبكي التي يبقى ظهورها محدوداً، أخت زوجة وليد. العلاقة بين الرجلين هي مفتاح الفيلم في سياق تناوله للعلاقة بين الشرق والغرب والنظرة إلى الآخر. يبدو تأثر دييغو واضحاً بذلك التطور في حياته، مما ينعكس على علاقته بزوجته التي تشهد تحسناً خلال أحداث الفيلم. لكن الشريط لا يبقى على هذه الوتيرة. يدخل عنصر الغموض إلى الحبكة مع اختفاء وليد الذي لا يعرف بالضبط ما هي مهنته غير «المحافظة على توازن العلاقة بين إيطاليا والعالم العربي»، حسب الشرطة السرية. تتخذ الأحداث منحى الإثارة خلال رحلة البحث عن وليد.
الفيلم عرض في «مهرجان القاهرة السينمائي» الأخير ونال جائزة أفضل سيناريو، إضافة إلى أفضل ممثل تقاسمها واكد مع غاسمان. لكن هذا التسطيح في القصة، والاعتماد على الكليشيهات في تناول علاقة الشرق والغرب أثارا سخط النقاد، إذ اتهموا الشريط بالركاكة، وبنهايته غير المقنعة. لا داعي للاستعجال في سينما التقارب الثقافي وتقبّل الآخر، فالنتيجة دوماً سيئة!

«الأب والغريب»: «صوفيل»، «أمبير دون»