دمشق | لم تطل فترة اعتقال المثقفين والفنانين السوريين الذين شاركوا في تظاهرة الأربعاء الماضي في دمشق وعلى رأسهم مي سكاف، ويم مشهدي، وريما فليحان، ونضال حسن، والأخوان ملص، وإياد شربجي، وساشا أيوب وسارة الطويل وجيفارا نمر... بعد الإفراج عنهم أول من أمس، أحالهم فرع الأمن إلى المحكمة، وبات عليهم حضور جلسات محاكمتهم دورياً بتهمة «التظاهر من دون ترخيص». يروي الفنانون الذين شاركوا في التظاهرة ما جرى معهم: طلبت منهم قوات الأمن مغادرة المكان، فرفضوا، بعدما رفعوا أيديهم في تعبير عن سلمية تحركهم. لكن الأمور لم تقف هنا. بل حضرت مجموعة من الشباب الذين بدأوا بمهاجمتهم وتخوينهم، وشتمهم، فردّ الفنانون بشعار «الحرية» قبل اعتقالهم. حاول رجال الأمن تفادي اعتقال مي سكاف التي ظلّت متمسكة برفاقها حتى اعتقلت هي الأخرى. وكانت الممثلة السورية أوّل من أطلّ إعلامياً على قناة «الجزيرة» بعد الإفراج عنها لتؤكّد في اتصالين هاتفيَّين أن فرع الأمن الجنائي أحالهم إلى المحكمة. وقالت إنها جلست مع زملاء آخرين في أحد المقاهي قرب قصر العدل، في انتظار خروج باقي الموقوفين «لكن هاجمنا أشخاص مجهولون، ولم نتمكّن من الهرب إلا بمساعدة أهالي الحي». وقد اختبأت سكاف في منزل أحد الأهالي. وأضافت أن معنوياتها ومعنويات زملائها كانت مرتفعة وقوية ولم تتوقع أن يكون نبأ اعتقالهم قد وصل إلى الإعلام.في حديثها لـ«الأخبار»، تقول الكاتبة ريما فليحان «ريثما وصلنا إلى مكان الاعتقال، كنا نردد الأناشيد الوطنية، مما استفز بعض عناصر الأمن الذين انهالوا على الصحافي إياد شربجي بالضرب لكونه أحد المنظِّمين للتظاهرة». وتضيف: «أصيب الممثل أحمد ملص بجرح في رأسه. وكان التعامل قاسياً مع الذكور على عكس الموقوفات الإناث. حتى إننا نفّذنا إضراباً عن الطعام لتحديد موعد الإحالة للمحكمة، وهو ما حصل». وعما حصل بعد خروجهم من قصر العدل، تشرح فليحان فتقول: «هوجمنا بالحجارة من أشخاص لا نعرفهم، وحاول رواد المقهى حمايتنا إلى أن وصلت شرطة النجدة التي لم تستطع تفريق مهاجمينا، فساعدونا على الهرب بواسطة سيارات الأجرة».
هذه التجاوزات لم تقف هنا، خصوصاً ضد فليحان التي سبق أن تعرضت لحملة تخوين عندما نظمت نداء أطفال درعا الشهير، إذ احتشدت مجموعة تحت المبنى الذي تسكن فيه ليلاً، وقامت بشتمها وتهديدها. لم تستجب الشرطة لنداءات فليحان وفق ما قالت، لكنّ مجموعة من أصدقائها حضروا لحمايتها. أما معتقل آخر رفض الكشف عن اسمه، فيقول: «اجتمعنا بضابط رفيع المستوى اعتذر لوجودنا رهن الاعتقال، وأبلغنا بموعد المحاكمة، كما سمح لنا بالاجتماع والتصويت على قرار إيقاف الإضراب وهو ما حصل فعلاً قبل إحالتنا إلى المحكمة».
القضاء السوري وجه سؤالاً لجميع المثقفين ومن معهم عن سبب انطلاق التظاهرة من أمام المسجد وليس من أمام دار الأوبرا مثلاً، أو أحد المراكز الثقافية أو صالات المسارح، فجاء الجواب: اخترنا أن نكون جزءاً من الشارع الذي يتظاهر من أمام المساجد...
وقد انتظر المثقفون والفنانون العشرات من أصدقائهم أمام المحكمة، فيما انتشرت التعليقات على فايسبوك ترحّب بالإفراج عنهم وتتمنى لهم مزيداً من الجرأة والحرية، فيما دعتهم أكثر من فاعلية شعبية إلى حضور حفلات تكريم أعدت لهم في أحياء دمشقية مثل برزة والقابون.