ليست المرة الأولى التي يحلّ فيها حسن خان (1975) ضيفاً على بيروت. بعدما قدِمت أعماله من تجهيزات فنية، وفيديو، وموسيقى في معارض مختلفة في القاهرة، وباريس، وأشبيلية، وإسطنبول، ولندن، وسيدني، وساو باولو، وبرلين... يشارك الفنان المصري حالياً في برنامج «الصورة في ما بعد» الذي يحتضنه «مركز بيروت للفن». يحوي المعرض أعمالاً مختلفة تتمحور حول انعكاس أحداث معينة على إنتاج الصور واستخدامها ونشرها. وبموازاته، خصص المركز عرضاً لبعض أفلام الفيديو التي أنجزها خان بين الأعوام 1997 و2002، وترتكز على سجلات مختلفة من الروائية إلى الصورية ومن التحليلية إلى المفعمة بالتعبير. علماً بأنّ كل هذه الأعمال تستند إلى ما يسمّى بـ «الشحنة» التي تجعل العمل ينطق... إنّها الوجود غير المرئي في العمل الفني. في«طبلة دب رقم ٩» (tabla dub ، ٣ د و٣٦ ث ــــ ٢٠٠١) يغرق خان في باطن القاهرة، يمزج بين فضاءين مشتركين، الشارع والمترو. مشاهد من المارة في الشارع ركِّبت فوق مشهد ثابت لممر أبيض خال في مترو القاهرة. اصفرار النيون مع شفافية الجموع الهائمة في فضاء المترو، تترافق مع الطبلة والضجيج. شكل يسائل موضع الجسد في المدينة.
أما في «٦ أسئلة للبنانين» (دقيقة ــــ ٢٠٠١)، فيطرح أسئلة بسيطة تتمحور حول الحرب والهوية. هنا، لا تكمن الشحنة خارج المعلومة الروائية (الأسئلة)، بل في الطرح، وفي تحويل الشاشة إلى لوح أسود لكتابة أسئلة موجهة إلى الجمهور. أهمية الأسئلة تتجسّد في تحويلها إلى صور تقابل أخرى من كاميرا تجول فوق وسط بيروت الجديد (سوليدير). دقيقة واحدة تطرح استفزازاً أكثر منه تساؤلاً، فخان لا يبحث عن الحدوتة في أفلامه.
أما في «كس أم الفيلم ده» (1998)، فيعاود التفكير في قصة الفيلم، يسخر من نفسه ويحتسي «الستلا». لن يجد الجمل المياه ليشرب، لأنّ حسن خان لا يبحث عن نهاية للقصة، بقدر ما يبحث عن تفكيكها.
وأخيراً، في «مكان وزمان آخر» (دقيقة و٣٠ ث ـــ ٢٠٠١)، يقسم الشاشة إلى جزءين. في الأعلى، نرى خان نفسه في الـ15 من العمر، يشرح برصانة برنامجه إن انتخب رئيساً لمصر. وفي الجزء الأسفل من الشاشة، نراه في السابعة عشرة، بشعر طويل يلعب الغيتار من دون أن ينطق بأي كلمة. هكذا يقدّم الفنان صورتين متناقضتين عن نفسه، ضارباً عرض الحائط بالدعوة التي يوجّهها الغرب إلى الآخر، طالباً منه تحديد هويته على أساس معاييره هو (أي الغرب).
يرفض خان تصنيف أعماله بين تقليدية ومعاصرة. يرى أنّ الغرب يبحث عن هذا التصنيف لصون موقعه في العالم المعاصر، دافعاً بالآخر إلى البحث عن هويته وتحديد مكانه ـــــ حسب شروط لعبة مفروضة ومسقطة ـــــ بين التقليدية والمعاصرة. العمل الفني لدى خان فعل سياسي لإعادة رسم الأطر وتحديد التصنيفات، أو إلغائها ضمن منظومة يتحكم بها الغرب، أي ما يسمّى عالم الفن «المعاصر» الذي ما زال الغرب يتحكم بقواعده من الناحية الفنية، والأهم من الناحية المادية التمويلية للمشاريع غير الأوروبية. أما حسن خان، فقد فرض نفسه فناناً يستند إلى أدوات متعددة، لتقديم مشروع ينطلق من بيئته إلى العالم.



يقدّم «مركز بيروت للفن» عرضاً لأفلام فيديو أنجزها وليد رعد، وجلال توفيق، وجوانا حاجي توما، وخليل جريج في الثامنة من مساء بعد غد الأربعاء ـــــ للاستعلام: 01/397018