لا شيء سيتغيّر في الدراما الخليجيّة هذا العام. لا القصة ولا الإخراج ولا أداء الممثلين. لكنها حتماً ستجذب شريحة أوسع من الجمهور. ورغم أن نجوم الخليج الذين حجزوا مقاعدهم للموسم الرمضاني يتكررون سنويّاً، ورغم غياب الإنتاجات الخارقة، أو الوجوه الواعدة، ستكون هذه الدراما هي المرشحة للفوز بالمرتبة الأولى لجهة عدد المشاهدين خصوصاً في الإمارات والسعوديّة والكويت. أما السبب فهو غياب الإنتاجات السورية، والمصرية الضخمة والجذابة التي كانت تتربع دوماً على عرش الموسم الدرامي.ما سبق هو لمحة سريعة عن الصورة الرمضانية المتوقّعة هذا العام. أقلّه هكذا يبدو الوضع حتى اللحظة مع إعلان المحطات العربيّة مسلسلاتها الخليجيّة فقط، وتأجيل أي كلام عن الأعمال المصرية والسورية. إذ يبدو أن «ثورة 25 يناير» في مصر، والاحتجاجات الشعبية المستمرّة في سوريا ستؤخّران عمل المنتجين في هذين البلدين. والنجوم الذين لم يبدأوا تصوير مسلسلاتهم قبل تطوّر الأحداث السياسية في البلدين، اختاروا تأجيل ظهورهم الرمضاني إلى العام المقبل، على أمل ان تكون الأوضاع قد هدأت وعاد الاستقرار.
إذاً، اندلعت الثورات الشعبية في العالم العربي، فاختارت الفضائيات العربية التوجّه إلى الدراما الخليجية لتعبئة الفراغ، وجذب المشاهدين. ونظرة سريعة على برمجة أبرز المحطات العربية في رمضان تظهر نسبة المسلسلات الخليجية الكبيرة. مثلاً، أعلنت mbc عرضها مسلسل «فرصة ثانية» للكاتبة وداد الكواري والمخرج علي العلي وبطولة سعاد عبد الله، وعبد العزيز الجاسم، وإلهام الفضالة... وهو العمل الذي تصفه عبد الله بـ«الشبيه بالدراما التركيّة من جهة الرومانسيّة وجمالية الصورة...». ويدور العمل حول رجل يدخل في غيبوبة طويلة. وعندما يستيقظ، يقرر إعادة ترتيب أوراقه وحياته، ولمّ شمل عائلته. ويمثّل العمل عودة للنجمة سعاد عبد الله الملقّبة بـ«سندريللا الشاشة الخليجيّة» إلى أحضان mbc، بعدما اقتصر تعاملها في السنوات الأخيرة على قناتي «دبي» و«أبو ظبي» في مسلسلات «فضة قلبها أبيض» (2008)، «أم البنات» (2009)، «نور في سماء صافية» (2010)، و«زوارة الخميس» (2010).
وتعطي الشبكة السعودية مساحة للكوميديا السوداء، فتعرض «بو كريم برقبته سبع حريم»، للكاتبة هبة مشاري حمادة، والمخرج منير الزعبي، وبطولة سعد الفرج، وإبراهيم الحربي، وإلهام الفضالة... ويتناول العمل حياة الطبقة التي تعيش تحت خط الفقر، وطريقة تأقلمها مع المشاكل التي تواجهها.
وفيما تعلن mbc برمجتها «بالتقسيط المريح»، كشفت قناة «أبو ظبي الأولى» عن ستة مسلسلات خليجيّة دفعةً واحدةً. وتعلن المحطة أن رمضان على شاشتها سيكون ذا نكهة خليجيّة، إذ تطلق الجزء الثالث من مسلسل «ليلى» مع هيفاء حسين وإبراهيم الزدجالي. إضافة إلى مسلسل «كريمة» الذي يروي قصة فتاة تسعى إلى الانتقام من قاتل أبيها، لكنها تقع في حبه. والعمل من بطولة ميساء مغربي وابراهيم الحربي. كذلك تعرض المحطة مسلسل «شوية أمل» من بطولة محمد المنصور وزهرة عرفات. ونشاهد «وجع الانتصار» مع هيفاء حسين، و«جفنات العنب» مع جاسم النبهان وحبيب غلوم ومروة محمد. كذلك يجتمع نجما الكوميديا السعودي محمد العيسى، والكويتي عبد الناصر درويش في مسلسل «سعيد الحظ»، ليقدما عملاً يصوّر قصة صديقين يتعرضان للاستغلال الدائم بسبب سذاجتهما. وتراهن قناة «دبي» من جهتها على مسلسل «بنات الثانوية» للكاتب محمد النشمي وإخراج سائد الهواري، وبطولة شهد، وأبرار سبت، وفرح، .... وفي انتظار إعلان المحطة أعمالها المقبلة، يبدو أن «دبي» هي القناة الخليجية الوحيدة التي فازت بمسلسل مصري هو «سمارة» مع غادة عبد الرازق. وكانت قد اشترته قبل اندلاع الثورة في مصر. وهنا لا بدّ من طرح علامات استفهام حول إمكان نجاح هذا العمل بعد الهجوم الشرس الذي تعرّضت له عبد الرازق بسبب موقفها الداعم لنظام حسني مبارك. وتبقى الحصّة الأكبر من المسلسلات الخليجيّة على شاشة «سما دبي» التي تتوجه منذ انطلاقتها إلى الجمهور الخليجي خاصة. أما «سيدة الشاشة الخليجية» حياة الفهد، فتطل في مسلسل «الجليب» الذي سيعرض على قناة «الراي» الكويتية. وقد يجد طريقه إلى mbc أيضاً. كذلك سنشاهد على هذه المحطة («الراي») «ساهر الليل 2» للمخرج دحام الشمري وعامر جعفر ومسلسل «2 في الإسعاف» للمخرج مناف عبد الله. من جهتة ثانية، تعرض «روتانا خليجية» «هوامير الصحراء3» للمخرج أيمن شيخاني، ومسلسل «توق» الذي يشكّل الإنتاج الأضخم بين الأعمال الخليجية. وهو من سيناريو عدنان العودة وإخراج شوقي الماجري، وبطولة قصي خولي، وسلافة معمار، وغسان مسعود، ومحمود قابيل... وقد وصلت ميزانيته إلى 15 مليون دولار.



هل انتهى عصر السوداوية؟



طارق الحميد
قدمت الاحتجاجات الشعبية في مصر وسوريا هدية قيّمة إلى المنتجين الخليجيين. تراجع الإنتاج المصري قياسياً مقارنة بالسنوات السابقة. أما في سوريا، فبقي عدد المسلسلات مقبولاً، لكنها تواجه كلها تقريباً أزمة تسويق حادة. ويبدو أن الدراما الخليجية اختارت الاستفادة من هذا الواقع لتحقّق نجاحها الأكبر هذا العام. هكذا في ظل تراجع الإنتاج المصري والسوري من جهة، ونسبة المتابعة العالية التي تحققها المسلسلات الخليجية على فضائيات الخليج من جهة أخرى، يبدو أنّ القنوات اتخذت قرارها الحاسم، وهو الاتجاه نحو الدراما الخليجية لجذب المشاهدين. وتكشف الأرقام عن إنتاج أربعين عملاً خليجياً تقريباً تتنوع بين الكوميديا، والدراما. ومنها ما هو استكمال لأجزاء سابقة حققت نجاحاً كبيراً في الاعوام الماضية. هكذا سنشاهد الجزء الثالث من«هوامير الصحراء» مع ميساء مغربي على «روتانا خليجية». ويعود «ليلى» (بطولة ابراهيم الزدجالي وهيفاء حسين) في الجزء الثالث أيضاً على قناتي «الوطن»، و«أبو ظبي». إلى جانب «ساهر الليل» (مع جاسم النبهان وأحمد الصالح) في جزئه الثاني على «الراي» الكويتية. وتعرض قناتَا «الوطن»، و«الظفرة» مسلسل «للملكة» من بطولة هدى حسين، ومريم الصالح. فيما يطل ناصر القصبي وعبد الله السدحان في «طاش ما طاش 18» على mbc. والمعروف أن هذه القناة ستعرض أكبر عدد من المسلسلات مقارنة بباقي المحطات، اذا سنشاهد أيضاً على شاشتها «تصانيف»، و«الحل الصعب»، و«ما إلك إلا بو خليفة» بالإضافة إلى «فرصة ثانية» (سعاد عبد الله) و«لهفة الخواطر»، و«الجليب» (بطولة حياة الفهد). وتكتفي في المقابل بعرض مسلسل أو اثنين من سوريا ومصر. وهو ما ستفعله أغلب الشاشات الخليجية إذ تبقى الأعمال المصرية والسورية جذابة بالنسبة إلى المعلن، وبالتالي لا يمكن الفضائيات الاستغناء عنها. ويبقى السؤال: هل تخطت الدراما الخليجية حاجز السوداوية المفرطة التي لجأت إليها في السنوات السابقة؟ وهل تعرض هذه السنة أعمالاً تعبّر بواقعية أكبر عن حال المجتمع؟