عمّان | عندما قام وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الأردني طاهر العدوان بزيارة مكتب وكالة «فرانس برس» في عمّان خلال اعتصام أقيم أول من أمس للتنديد بالاعتداء على مقرّها، تساءل عمّا إذا كان المكتب يحوي كاميرات مراقبة. سأل العدوان عن كاميرات داخل مكتب الوكالة، بينما كانت كاميرات الوكالات المحليّة والعربيّة والأجنبيّة ترصد اعتصاماً آخر أقيم الثلاثاء، أي قبل يوم من الحادثة بالقرب من المقرّ. وقد دعا إليه النائب المثير للجدل يحيى السعود احتجاجاً على الخبر الذي نقلته الوكالة الفرنسيّة عن «مصدر أمني رفض التصريح باسمه»، وأفاد بأنّ الموكب المرافق لموكب الملك عبد الله الثاني تعرّض لرشق بالحجارة خلال زيارته للطفيلة (179 كلم جنوبيّ العاصمة). ثم نفى كل من الديوان الملكي والحكومة ونوّاب المحافظة هذا الخبر. وخلال الاعتصام الذي دعا إليه يحيى السعود، ردّد المحتجون عبارات قاسية طالت مديرة «فرانس برس» رندا حبيب في عمّان، مثل: «يا ويل اللي يعادينا، بجبل عمّان (مقر الوكالة) يلاقينا»، وطالبوا بمحاكمتها، وإغلاق الوكالة. وألقى السعود كلمة هدّد فيها بالرد «بالأساليب والطرق القانونيّة المتّبعة»، محمّلاً المسؤولية للحكومة «النائمة»، ومصرّحاً بأنه «سيردّ بالطريقة والوقت المناسبين».
قبل ذلك، كان الوزير طاهر العدوان نفسه يصعِّد من نبرته تجاه وسائل الإعلام والصحافة، بينما شنّت جريدة «الرأي» الرسميّة هجوماً على الوكالة ومديرتها في مقال خلص إلى أن هناك «مصالح وأحقاداً شخصيّة تقف خلف سلوك بائس كهذا يفتقر إلى أدنى مواصفات ومعايير العمل الإعلاميّ والصحافيّ».
وإذا كان هذا الاحتقان السياسيّ طفا أخيراً إلى السطح ليتجاوز الاعتداءات المعنويّة إلى الجسديّة، فما حدث في محافظة الطفيلة أثناء زيارة الملك لها «يدقّ ناقوس الخطر» بحسب رئيس تحرير جريدة «العرب اليوم». أشار فهد الخيطان في مقاله إلى أن ما حدث من منع لبعض شباب المحافظة من عرض بيانهم أمام الملك خلال زيارته إشارة إلى «أزمة ثقة جذورها ضاربة تستدعي مقاربة للإصلاح أوسع وأعمق من تلك التي تتبناها الحكومة، وتسير بخطى أسرع مئة مرة من السرعة الحالية».
وإذا كانت الحكومة قد أدانت الاعتداء على مكتب الوكالة الفرنسية من عشرة «مجهولين» وتحطيم محتوياتها، وألفت لجنة للتحقيق في الاعتداء، فإن ما يمكن التحقيق فيه أمران: الأول، التحقيق من دون إجبار الوكالة على الكشف عن هوية «المصدر الأمني المجهول» الذي سرّب إليها المعلومة. من المؤكّد أن التضارب في المعلومات صارخ. بينما يتحدّث العدوان بلهجة الإعلام الرسمي الهرم عن «احتكاك بسيط بين مواطنين وقوات الدرك أثناء تدافع المواطنين للسلام على الملك»، أظهر فيديو انتشر على يوتيوب عناصر من الدرك يقذفون الحجارة على طرف غير واضح في الشريط. وتتحدّث مصادر عدة عن احتقان بين شباب الطفيلة والمحافظ الذي منعهم من الالتقاء بالملك أدى إلى تطوّر الأمور إلى هذا الحدّ. أما العنصر الثاني في التحقيق فهو حديث رندا حبيب نفسها عن «تهديدات تلقتها هاتفيّاً من يحيى السعود نفسه» بأنّها «ستدفع الثمن»، فيما نفى السعود ذلك.
من المؤكّد أن ما حصل هو نتيجة تخبّط سياسيّ وأمنيّ وإعلاميّ. وإذا كان الأمل في تلبية الجهات الرسميّة للحراك الإصلاحي قد تبخّر، فالتعويل أيضاً على ردود الفعل لم يعد مؤثّراً. نتحدّث هنا عن الدعوات المطالبة باستقالة طاهر العدوان والعودة إلى زاويته «الإصلاحيّة» في جريدته السابقة «العرب اليوم».