يجمع متري نبهان في كتابه «العبور إلى الوطن» بين السياسة والأدب، محاولاً استنهاض همّة الشباب اللبناني. يرى الأستاذ في الجامعة اللبنانية أن لهؤلاء الدور الأكبر في تغيير الواقع الحالي، بعدما أصبح لبنان يستجدي العالم حريّته وأمنه واستقراره، وانصرف معظم أبنائه عن ثقافة السماء إلى ثقافة الأرض. «العبور إلى الوطن» هو الكتاب الثالث عشر من سلسلة مؤلفات صدرت للكاتب عن العديد من دور النشر. تبقى السياسة في نظر الكاتب مصدراً لكلّ وباء، مع غياب العلاج على المدى البعيد. وإن حصل شيء ما في تغيير نمط الحياة السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة في لبنان، فلا يكون إلا بالمسكنات والتراضي. من هنا، يرى نبهان أن الخلاص يبنى على بناء الذات بالإيمان والعلم والثقافة، والتنشئة الوطنية، والوعي والنضج الفكري المتحرر.

يسرد الكاتب تاريخ الإقطاع اللبناني، منذ المعنيين والشهابيين، مروراً بدولة لبنان الكبير، وصولاً إلى الاستقلال الذي كرّس طائفية الرئاسات الثلاث والإقطاعات العائليّة، بعيداً عن بناء دولة المؤسسات. كل هذا أنتج الانفجار الكبير، أي الحرب الأهليّة، إلى أن جاء اتفاق الطائف، «آنذاك تراود للجميع أن الأخير سيحمل معه فرجاً، ولو خجولاً، إلا أن كل الآمال تلاشت وأعاد التاريخ نفسه».
وفي التربية، يرى نبهان أن الثقافة في لبنان هي ثقافة استهلاكيّة وليست إبداعيّة. و«الحل هنا يكون بعصرنة التربية والتعليم والتكامل الاجتماعي». وبين التخاذل والتضحيّة، يسأل نبهان: «ألم يخرج العدو الإسرائيلي من لبنان مندحراً بفضل سلاحي المقاومة والجيش، وبتضحيات اللبنانين ومن سقط منهم شهداء؟»، فيما لم ينفع العجز والاستجداء في تطهير الوطن من الاحتلال.
كذلك، يحوي الكتاب أيضاً بعض القصائد والنصوص الأدبيّة، ثم يختمها بقصتين: الأولى تتحدث عن مأساة عائلة لبنانية قضت الحرب على كلّ أفرادها. أما الثانية، فتحكي قصة الرجل الستيني أبو سعيد الذي قضى شهيداً برصاص العدو الإسرائيلي، بعدما زنّر حماره بالديناميت، وفجّره بمجموعة من جنود جيش الاحتلال.
يخلص نبهان إلى أنّ العبور إلى الوطن يعني الخروج من «الأنا» إلى«النحن»، من الفرد إلى الجماعة، من الفوضى إلى النظام، من الطائفية والمذهبية إلى الدين، من التعايش إلى المواطنيّة.