القاهرة | لم يختلف مصير رئيس «اتحاد الإذاعة والتلفزيون» في مصر سامي الشريف عن مصير أحمد شفيق، آخر رئيس حكومة في عهد حسني مبارك. أثبت الرجلان أنهما عاجزان عن قيادة سفينة الإصلاح، خصوصاً أنهما خرجا من رحم النظام المخلوع. وكما أطاح ثوار ميدان التحرير شفيق، كذلك فعل المعتصمون في «التلفزيون المصري» بعدما استقال سامي شريف من منصبه، فخرج من «ماسبيرو» على وقع زغاريد المحتجّين.لكن استقالة الشريف لا تعني أنّ رحلة الإصلاح بدأت داخل التلفزيون الحكومي. ويتخوّف كثيرون من أن يكون حجم الفساد داخل المؤسسة الرسمية التي تضمّ 43 ألف موظف، أكبر بكثير من كل محاولات الإصلاح. ويرى المعتصمون أنّ الإصلاح لن يتحقّق إلا بوجود قادة ثوريين لا يخشون اتخاذ قرارات حاسمة تضع حداً لسنوات طويلة من الفساد والمحسوبيات. وكان الهجوم على سامي الشريف قد انطلق فور تولّيه منصبه الجديد قبل أشهر. وطال الهجوم ولاءه للنظام المخلوع من خلال مشاركته سابقاً في لجان تابعة للتلفزيون المصري وموافقته على قرارات خاطئة لوزير الإعلام السابق أنس الفقي. وإن كان الرجل لم ينتسب يوماً لـ«الحزب الوطني»، فإنّ ذلك لا يعني برأي المحتجين أنه غير متورط في السياسة الإعلامية التي كانت سائدة قبل الثورة. على المستوى التنفيذي، ارتكب الشريف أخطاء عدة منذ تسلّمه لمنصبه الجديد. منع الموظفين غير الثابتين من الظهور على الشاشة، فأطاح خيري رمضان، ولميس الحديدي ليعود ويسمح لعمرو خالد وحافظ الميرازي بالإطلالة على الشاشة الرسمية. كذلك غازل المتشددين دينياً من خلال قرار بمنع عرض المشاهد الحميمة في الأفلام، قبل أن ينفي صدور هذا القرار. ثم تدخّل مراراً لمنع توجيه أي انتقادات للمجلس العسكري أو له شخصياً، وقد تسرب قرار يعلن أن الرجل طلب من الموظفين الإطلاع على أسماء ضيوف البرامج قبل ظهورهم على الشاشة. ورغم تغيير أغلب رؤساء القطاعات في المبنى العتيق للتلفزيون الحكومي، لا يزال رؤساء قطاعات الأمن والهندسة الإذاعية في مناصبهم. وحتى إدارات قطاعات التلفزيون، والإذاعة، والإنتاج شهدت تغييراً طفيفاً. هذا الوضع دفع الإعلامي حمدي قنديل، الذي هو أيضاً عضو مجلس أمناء «اتحاد الإذاعة والتلفزيون» إلى القول بأنّ أعضاء المجلس اتفقوا على أن هناك خللاً حقيقياً في إدارة «ماسبيرو».
ونتيجة لما سبق، اختار سامي الشريف الانسحاب، ليعلن قنديل أن مجلس الأمناء رشح اللواء طارق المهدي لخلافته. وقالت مصادر في رئاسة الوزراء في مصر إن الرئيس الجديد لـ«ماسبيرو» سيكون شخصية إعلامية ذات جماهيرية كبيرة. وتردد اسما سناء منصور والشاعر فاروق جويدة... لكن يبقى الأهم هو السياسة التي سينتهجها الرئيس الجديد، ومدى اقتناعه بأن مصر شهدت ثورة حقيقية تستحق أن يدعمها تلفزيون الشعب.