عمان | «لدينا نسختنا الخاصة لحزب Tea Party، حتى إننا نحظى بسارة بالين الخاصة بنا». يمكن أن تختزل هذه الجملة التي كتبها أحدهم على «تويتر» وضع الإعلام في الأردن. منذ فضّ اعتصام «دوار الداخلية» في آذار (مارس) الماضي، انقسم هذا الإعلام معسكرين: مع المطالبين بالإصلاح، وضدّهم!
يمكن رصد ذلك بسهولة من خلال إصرار رئيس التحرير السابق لجريدة «الرأي» الرسميّة فهد الفانك على أنّ التظاهرات تقف وراء تراجع الاقتصاد في المملكة، وصولاً إلى صالح القلاب الذي كتب في «الرأي» أيضاً مقالاً عن ضرورة نضوج الشعب الأردني سياسيّاً قبل المطالبة بملكيّة دستوريّة مثل الشعب البريطاني!
عندما تتحرّك جريدة «الرأي» التي لم يتحرّك فيها قلم واحد بعد الاعتصام الذي أطاح الفانك، فذلك إشارة إلى الخوف. وإذا كانت «الرأي» بوصلة الخوف، يمكن اعتبار جريدة «العرب اليوم» بكتّاب مقالاتها مؤشّراً إلى رحيل الحكومات، منذ اللحظة التي بدأ فيها الثلاثي (رئيس التحرير فهد الخيطان، وسلامة الدرعاوي، ورنا صبّاغ) بالإشارة صراحة إلى فشل الحكومة في التعاطي مع المعتصمين وملفات الإصلاح الاقتصادي والسياسي. أما جريدة «الغد»، فيبدو أن القرار الذي اتّخذ بإعلاء السقف ما زال سارياً إلى الآن. برز كل من إبراهيم غرايبة وجمانة غنيمات وأسامة الرنتيسي، بينما يتطوّع محمد أبو رمّان لكتابة المقالات الأشرس، وخصوصاً مقاله الأخير «نعمة اللجان»، الذي انتقد فيه رئيس الوزراء معروف البخيت.
التعامل الرسمي مع الإعلام لم يتغيّر. التفاؤل الذي صاحب تعيين رئيس تحرير «العرب اليوم» السابق طاهر العدوان وزيراً للإعلام اختفى سريعاً. وبعدما تبنّى العدوان رواية الحكومة في فضّ اعتصام 24 آذار (مارس)، دعاه عدد من زملائه إلى الاستقالة، معتبرين أنّ لقب «معالي» لا يضيف له شيئاً. حتى إنّ العدوان لم يجد إلا «فايسبوك» للاعتذار للإعلاميين الذين تعرضوا للضرب في منطقة الكرامة حين أحيا شبان منذ أسابيع ذكرى النكبة. وبينما تلاحق أجهزة الدولة المعلّقين على خبر عن النائب يحيى السعود الذي حضر جلسة مجلس النوّاب بالزي العسكري بعد اعتصام 24 آذار، تغضّ الأجهزة نفسها الطرف عن تعليقات أخرى، وخصوصاً على موقعي «حبر» و«عمّان نت»، حيث تعليقات التخوين، والتهديد بالإيذاء الجسدي. قضيّة أخرى أثيرت بشأن التدخّلات الأمنيّة في الإعلام سقطت فيها قناة «رؤيا» الجديدة، بعدما قدّمت أداءً ممتازاً في البداية. قبل أيّام، قدّم مذيع برنامج «نبض البلد» محمد الحباشنة استقالته احتجاجاً على إلغاء حلقته مع المعارض ليث شبيلات. وقد تزامن ذلك مع إصدار «مركز حماية وحريّة الصحافيين» تقريره لعام 2010. وقد رأى 41% من الصحافيين أنّ حريّة الإعلام تراجعت، وأقرّ 266 منهم بأنّهم تعرضوا لضغوط في عملهم. باختصار، الإعلام الأردني حظي هذه السنة بحصّة «لا بأس بها» من القمع ومحاولات الإسكات.