«يجب على الفن أن يكون شهوانياً. الشهوانيّة هي كلّ ما يحيلنا على البهجة (...) وهذا هو دور الفنانين، أي استنفار الحواس كلّها». هكذا ترى شاكيرا نفسها: شهوانيّة، لأنّ هذا يعني أخذ الفن إلى حدوده القصوى، وجعله فعل تحرير للمكنونات البشريّة الأكثر بساطةً وجموحاً في آن واحد. تعرف مغنيّة البوب الكولومبيّة إذاً أن تجمع بسلاسة بين رؤية فنيّة لا تخلو من العمق والتفرّد، وصورتها الإعلاميّة كـ«ميغا ستار»، وSex Symbol. تحيي شاكيرا حفلتها الأولى في لبنان غداً بعد شهر ونصف شهر على إعلان راديو «ميكس أف أم»، وشركة «سوليست» أنّ بيروت ستكون إحدى المحطات في جولتها العالميّةThe sun comes out. للمرة الأولى، سيلتقي الجمهور اللبناني
منافسة كارلوس غصن على قائمة أكثر من تتغنّى الصحافة المحليّة بأصولهم اللبنانية. ابنة الصائغ الكولومبي ويليام مبارك شديد، استلهمت ميراث عائلتها المشرقي مادةً أساسية في خلق لوحاتها الراقصة. فهل ستتوّجه إلى جمهورها غداً بالعربيّة مثلاً؟ هذا ما يحلم به المعجبون، ممن أطلقوا العدّ العكسي للقائهم بها على «فايسبوك».

ولدت شاكيرا إيزابيل مبارك ريبول في مدينة بارانكويلا الكولومبيّة عام 1977، وقد اعتاد والدها اصطحابها وهي طفلة إلى مطعم لبناني لترقص على الطاولات مع فرقة للرقص الشرقي. هناك توطّدت علاقة تلميذة المدرسة الكاثوليكية بالدربكّة، ما سيكون أحد أسرار نجاح صاحبة «الأرداف التي لا تكذب» (الأغنية المنفردة الأكثر مبيعاً في العقد الماضي).
شاكيرا في لبنان إذاً، عند الثامنة والنصف من مساء غد، لتحيي حفلةً وحيدة في مجمّع «بيال». ستغنّي صاحبة «واكا واكا» من ألبوميها «الشمس تشرق» (2010)، و«هي ذئبة» (2009)، إضافةً إلى بعض أعمالها الشهيرة. بدأت الغناء منذ كانت في السابعة، وأطلقت ألبومها الأول عام 1990 حين كانت في الـ 13. بدت في بداياتها متأثرة بالروك، والروك البديل، إضافةً إلى نفحة شعريّة طاغية على العديد من نصوصها المكتوبة بالإسبانية، لكنّها لم تبلغ الشهرة إلا عام 1996، مع ألبومها الاحترافي الأول «أقدام حافية».

كرّستها هذه الأسطوانة بين أشهر نجوم أميركا اللاتينية، لكنّ انطلاقتها العالميّة تأخرت حتى 2001، مع ألبوم Laundry Service. يومها اكتشف العالم راقصة متفجّرة وخامةً صوتيّة غريبة، اكتسحت الملاهي الليلية واستيهامات الرجال بأغنية Ojos Aci. حينها، كان سوق البوب يعرف لاتينية سمراء واحدة هي جنيفير لوبيز، إلى أن جاءت شاكيرا وقلبت المعادلة ببراعتها في هزّ الخصر، ومزجها بين البوب والموسيقى اللاتينية ببعض نفحات الروك والإلكترو. لاحقاً حوّلت مفاتن جسدها إلى موضوع أغنيتها الضاربةWhenever, Wherever، مكرّسة نفسها كـSex Symbol... حافظت بحرص على هذه الصورة في معظم كليباتها، حيناً تصير ذئبة، وأحياناً غجريّة، وفي أحيان أخرى تدهن نفسها بالشحم، وتتلصّص تحت ثياب حبيبها.
في أحد أحاديثها، تعترف بأنّ المرأة التي نراها في كليباتها هي الوجه الجامح منها. في كليب «مجنونة» Loca مثلاً، تركض في الشوارع كالمصابة بمسّ. أما في «هي ذئبة»، فترقص داخل قفص مذهَّب، مقلِّدة الذئاب الكاسرة... هذا الجانب الحيواني هو طريقتها في إطلاق العنان لنفسها بعيداً عن حياتها الهادئة.
فقد أمضت ابنة الـ 33 ربيعاً معظم شبابها في علاقة عاطفية ثابتة، دامت 11 عاماً مع صديقها أنطونيو دي لا روا، ابن الرئيس الأرجنتيني السابق. وبعد انفصالهما الهادئ العام الماضي، ارتبطت بمُدافع نادي برشلونة جيرارد بيكيه. في الخلاصة، لم تشغل مغامراتها العاطفية صحف الفضائح. على العكس، فهي سفيرة الـ «يونيسيف» للنوايا الحسنة، وتمضي وقت فراغها في دراسة تاريخ الشعوب، وتنظيم أعمال مؤسستها الخيرية المعنية بتوفير فرص تعليم للأيتام. شاكيرا ليست فنانة فضائح، ولا ظاهرة تاريخية بالمعنى الموسيقي، فما سرّ شهرتها إذاً؟ إنّها على الأرجح تلك الحيوية التي تتسلل من أطرافها حين ترقص على المسرح. لا يختلف اثنان على أنّ هذه السيدة الصغيرة (متر ونصف متر فقط) من أكثر دعاة الفرح تأثيراً في العالم. وقد برز تأثيرها العام الماضي، حين نجحت في جعل أغنيتها «واكا واكا» النشيد الرسمي لكأس العالم في كرة القدم. تفاعُل الجمهور مع «واكا واكا»، كان دليلاً على رسوخ صورة شاكيرا كفنانة شعبيّة بالمعنى الحرفي للكلمة. قد يكون أفضل من وصَّفها هو الروائي الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز، إذ كتب أنّها «ابتكرت ماركتها الخاصة من الشهوانيّة البريئة».

The Sun comes out: 8:30 من مساء غد ـــــ «بيال» (بيروت). للاستعلام: 01/999666




«الشمس تشرق» على الرباط أيضاً

حفلة بيروت جزء من جولة عالمية بعنوان «الشمس تشرق» أطلقتها شاكيرا في أيلول (سبتمبر) العام الماضي. الهدف المعلن من جولتها الضخمة على القارات الخمس، هو الترويج لألبوميها «الشمس تشرق» (2010) و«هي ذئبة» (2009)... لكنّ هدف شاكيرا الحقيقي، كما قالت في لقاءات صحافية، أنَّها تشعر بحريّة أكبر حين تكون على المسرح.
جمعت الجولة في أميركا الشماليّة وحدها 16 مليون دولار، ومرّت على أبو ظبي في 29 نيسان (أبريل) الماضي. وتصل شاكيرا إلى العاصمة اللبنانية، بعدما أحيت حفلتين روسيتين في موسكو (22/ 5) وسان بطرسبرغ أمس. على أن تتوجّه إلى محطتها العربيّة الثالثة، وهو مدينة الرباط المغربيّة، في 28 أيار (مايو) الحالي.